تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة في التعليم
ورقة علمية وصول مفتوح |
متاح بتاريخ:06 مايو, 2021 |
آخر تعديل:06 مايو, 2021
لا شك في أن التعليم يشكل واحداً من أهم القطاعات الأساسية في حياة مختلف المجتمعات، حيث يرتبط تطور الشعوب وتقدمها بشكل أساسي بفاعلية وجودة نظمها التعليمية. وفي العصر الرقمي اليوم، يبحث المتعلمون عن فرص تعلم مبتكرة تتجاوز النهج التقليدي القائم على الفصول الدراسية وعلى مبدإ قياس واحد يناسب الجميع، كي يستفيدوا بشكل أكبر من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتسخيرها في التعليم. وفي الواقع، أصبحت الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية ضرورة للأنظمة التعليمية لأنها توفر فرصاً غير مسبوقة لجميع المتعلمين من ذوي القدرات والاحتياجات والإعاقات المختلفة، للتعلم بفعالية وتجاوز الحواجز التي تمنعهم من التحصيل العلمي الهادف. ومن هذا المنطلق، تقدم هذه الورقة المفاهيم الرئيسية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة في التعليم وتستكشف طرقاً لجعلها في متناول الجميع.
إنه من حق جميع الطلاب، وخاصة ذوي الاحتياجات والإعاقات المختلفة، الحصول على فرص تعليمية متساوية. ويستلزم التعليم الشامل، كما ورد في تعريف منظمة اليونسكو (2009)، تعزيز قدرة النظام التعليمي على الوصول إلى جميع المتعلمين، بطريقة تدعم المساواة لصالح جميع المتعلمين دون استثناء، وخاصة أولئك من ذوي الإعاقة.
وتحث اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة جميع الدول على اتخاذ عدد من التدابير المهمة للتغلب على الحواجز والصعوبات التي تمنع المتعلمين من ذوي الإعاقة من الوصول إلى التعليم والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة التي تسهل الوصول إلى التعليم الشامل (المادة 9 بشأن إمكانية الوصول والمادة 21 حول حرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات، والمادة 24 الخاصة بالتعليم). ويتطلب هذاالأمر في الواقع عملاً هائلاً لتوفير فرص تعلم عادلة ودعم الخدمات التعليمية وخلق بيئة تمكينية تساعد المتعلمين، وخاصة ذوي الإعاقة، من الاستفادة القصوى من إمكانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والوصول إلى تعليم جيد للجميع.
وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن أهداف التنمية المستدامة، المصممة لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع، تعتمد على مبادئ الوصول والمساواة والشمول لبناء مجتمعات مستدامة قائمة على المعرفة. حيث ركز الهدف الرابع لخطة الأمم المتحدة لعام 2030 على تحقيق جودة التعليم للجميع: “ضمان التعليم الجيد الشامل والمنصف وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع”. وعلى هذا الأساس، تلعب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دوراً أساسياً في ضمان الوصول إلى التعليم الجيد للجميع، شريطة أن يتمكن جميع المتعلمين وخاصة ذوي الإعاقة من الوصول إلى هذه التكنولوجيا والاستفادة منها، وبالتالي تحسين تجاربهم وخبراتهم التعليمية. وهنا تبرز الحاجة الماسة لتعزيز الاستخدام الفعال لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة في تعليم ذوي الإعاقة. ومع ذلك، فمن الصعب أن تكون هذه التكنولوجيا مفيدة للمتعلمين ذوي الإعاقة إلا إذا ماتمت إزالة الحواجز (المادية والمالية والمعرفية والتعليمية والمحتوى) التي تعوق الوصول إليها أو على الأقل تقليلها. وتحقيقا لهذه الغاية، فإنه من المطلوب أن تكون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المناسبة التي تسهل التعليم الشامل متاحة للجميع ومتوافقة مع التكنولوجيا المساعدة من أجل دعم أكبر قدر ممكن من التنوع بين المتعلمين من ذوي الإعاقة على وجه الخصوص، مما يؤدي إلى تحسين تحصيلهم التعليمي بشكل كبير.
وقد جاء في تقرير “نموذج سياسة لتكنولوجيات المعلومات والاتصال الشاملة في التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة”، وهو جزء من الجهود المشتركة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والمبادرة العالمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة (G3ict) لتسهيل تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة للتعليم تشمل ما يلي:
- التكنولوجيا المتاحة في السوق، (مثل أجهزة الكمبيوتر ومتصفحات الويب وبرامج تحرير النصوص الإلكترونية ومعالجات النصوص واللوحات البيضاء والأجهزة المحمولة وما إلى ذلك) لجميع المتعلمين؛
- التكنولوجيا المساعدة التي تخفف من حواجز الوصول (مثل قارئات الشاشة والفأرات ولوحات المفاتيح البديلة وأجهزة الاتصال المعززة والبديلة وتطبيقات أخرى)؛
- التوافق بين منتجات التكنولوجيا المساعدة والتكنولوجيا السائدة؛
- الوسائط والتنسيقات المختلفة القابلة للنفاذ الرقمي (مستندات Word والعروض التقديمية وملفات الويب والوسائط المتعددة وكتب نظام المعلومات الرقمية القابلة للنفاذ وملفات EPUB وملفات PDF وما إلى ذلك)؛
- موارد التعلم الرقمية القابلة للنفاذ الرقمي؛
- منصات التعلم الإلكتروني القابلة للنفاذ الرقمي (أنظمة إدارة محتوى التعلم LMS والفصول الدراسية الافتراضية والمناهج والمصادر التعليمية وما إلى ذلك).
علاوة على ذلك، وإلى جانب توفير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة للمتعلمين ذوي الإعاقة، يمكن أن يساعد تعزيز التعليم المفتوح والرقمي كثيراً في تقليل الحواجز وتمكين جميع المتعلمين، وخاصة ذوي الإعاقة من الوصول إلى نفس الفرص التعليمية وفقًا لاحتياجاتهم ووقتهم ووتيرتهم ومكانهم.
من أجل أن يكون التعليم الرقمي شاملاً ومتاحاً لجميع المتعلمين، يجب أن تكون الأدوات الرقمية والمنصات والمحتويات والحلول التكنولوجية في متناول الجميع، وأن تكون مصممة بشكل صحيح وشامل لدعم وتمكين كل متعلم مع مراعاة قدراته وإعاقاته وتفضيلات التعلم الفردية الخاصة به. ولهذا السبب، يجب أن تمكن منصات التعلم الإلكتروني والتطبيقات والمحتويات التعليمية المتعلمين من استخدام ميزات إمكانية النفاذ وضمان التوافق مع التكنولوجيا المساعدة، والتي تسمح على وجه الخصوص بالنفاذ إلى المواد التعليمية الرقمية وتقديمها بشكل صحيح وبطرق متعددة تناسب احتياجات وتفضيلات المتعلمين ( على سبيل المثال، توسيع واختيار الخطوط وضبط تباين الألوان وتفضيلات العرض واستخدام النصوص البديلة للصور والمرئيات وتكييف محتوى الصفحة وتبسيط الواجهات واستخدام برامج قراءة الشاشة والتنقل باستخدام لوحة المفاتيح وما إلى ذلك).
ومن الأهمية بمكان، بعد أخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، العمل على تحقيق الخطوات الآتية لتسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة في التعليم والاستفادة القصوى من مزاياها:
- وضع سياسات واستراتيجيات داعمة.
- رفع الوعي وتنمية القدرات والتدريب المستمر.
- تقليص الحواجز التي تحول دون النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المناسبة؛
- توفير حلول ملائمة لإمكانية النفاذ والتكنولوجيا المساعدة؛
- ضمان إمكانية النفاذ إلى منصات التعلم الإلكتروني ومحتوى التعليم الرقمي؛
- التصميم الموجه للجميع دون استثناء وتلبية احتياجات الطلاب المختلفين وخاصة من ذوي الإعاقة.
- تطبيق مبادئ التصميم الشامل للتعلم (UDL) وتوفير أدوات التحرير والتقييم المطلوبة.
وفي الختام، من المهم ألا نغفل عن حقيقة أن التعليم في عصر التحولات الرقمية يجب ألا يقتصر فحسب على استخدام التكنولوجيا، بل يجب التركيز على حسن توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشاملة في التعليم بشكل فعال وإدماجها في الممارسات التعليمية والتعلمية لتمكين جميع المتعلمين من تحقيق أهدافهم التعليمية ودعم أنماط التعلم الفردية لذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الإعاقة من أجل تمكينهم من الاستعداد الجيد للاندماج والتكيف مع التغييرات المستقبلية نحو بناء مجتمعات شاملة قائمة على المعرفة المستدامة.