الحجرات الحسية الصديقة للتوحد: نظرة عامة
ورقة علمية وصول مفتوح | متاح بتاريخ:08 مايو, 2023 | آخر تعديل:08 مايو, 2023
الملخص
يلعب التكامل الحسي دورًا رئيسيًا في نمو الطفل لأنه يستكشف البيئة من خلال حواسه (أي الرائحة أو السمع). وفي حين أن الأطفال الذين ينمون بشكل اعتيادي يكتسبون التطور الحسي تلقائيًا، فإن الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد (ASD) يجدون صعوبة في تلقي المعلومات الحسية والاستجابة لها مما يؤثر على سلوكهم ومهاراتهم الاجتماعية. وتستخدم المعالجة الحسية على نطاق واسع للتدخل في المحفزات الحسية بشكل مناسب للأطفال المصابين بالتوحد. وبهدف توفير بيئة شاملة وقابلة للنفاذ للأفراد من ذوي التوحد، تم تقديم الحجرات (الحاويات) الحسية كمساحة مغلقة صديقة للتوحد لمساعدتهم على الهروب من البيئة المحفزة بشكل مفرط وإدارة الحالة المزاجية للتكيف مع الجو. وهناك في الوقت الحالي حاجة إلى البحث لفحص الأدلة التجريبية لأفضل الممارسات باستخدام الحجرات الحسية.
الكلمات المفتاحية – اضطراب طيف التوحد، الحجرات الحسية، مساحة مغلقة صديقة للتوحد.
المقدمة
يشير التكامل الحسي (SI) إلى العملية التي يتلقى فيها الإنسان معلومات من أجهزة الجسم الحسية ثم ينظم دماغنا المعلومات من أجل الاستجابة بشكل مناسب (آمن أم لا، ممتع أو مؤلم، الانخراط في النشاط أو تجنبه) (Guardado & Sergent, 2022). ويقوم الأطفال بتطوير مهارات عبر مطالبهم الحسية لإشراك حواسهم في التعرف على العالم والتفاعل مع البيئة (Ramirez, 1998). ومن الأمثلة على التكامل الحسي لطفل قد نما بشكل تقليدي، أنه يمسك البيضة برفق لتجنب سحقها. ويواجه بعض الأطفال صعوبة في دمج المعلومات الحسية في المعالجة والاستجابة، وهو ما يسمى “اضطراب المعالجة الحسية” أو “خلل التكامل الحسي” (Weitlauf et al., 2017). ويمكن أن يؤثر اضطراب المعالجة الحسية على نمو الطفل في الوظائف الحركية والعاطفية والمعرفية والفيزيولوجية والتنظيمية مما يؤثر سلبًا على علاقاتهم الاجتماعية ومشاركتهم في الأنشطة اليومية (Ikonen, 2001).
إن الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد (ASD) هم أفراد يعانون من اضطراب في النمو يؤثر على مهارات الاتصال والمهارات الاجتماعية لديهم. ويعتبر اضطراب طيف التوحد اضطراباً طيفياً، مما يعني أنه يمكن أن يتراوح من خفيف إلى شديد ويمكن أن يظهر بطرق متنوعة لدى أشخاص مختلفين. وقد يواجه الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد صعوبة في التفاعلات الاجتماعية والتواصل، مثل التواصل البصري أو بدء المحادثات أو الحفاظ عليها أو فهم الإشارات الاجتماعية ولغة الجسد. وقد يكون لديهم أيضًا سلوكيات متكررة أو اهتمامات محدودة وقد يكونون حساسين لمحفزات معينة مثل الضوضاء أو بعض الأنسجة. وقد يواجهون أيضًا صعوبة في المعالجة الحسية مما يعني أنهم قد يكونون حساسين للغاية لمحفزات معينة أو غير حساسين لمحفزات أخرى. ومن المهم ملاحظة أن كل طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد هو فريد من نوعه وقد يعاني من أعراض الاضطراب بشكل مختلف (Lahiri et al., 2020).
صعوبات المعالجة الحسية والأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد
تظهر الأبحاث أن ما يقرب من 90٪ إلى 95٪ من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد يعانون من اضطراب المعالجة الحسية مما يؤثر سلبًا على سلوكياتهم ومهاراتهم الاجتماعية (Camarata et al.، 2020). وتشمل العلامات النموذجية لاضطراب المعالجة الحسية الناتج عن التوحد (أ) الحساسية المفرطة أو عدم الاستجابة للمس أو الحركة أو المشاهد أو الأصوات (ب) وجود مستوى نشاط مرتفع أو منخفض نموذجي (ج) سهولة تشتيت الانتباه (د) التأخير في المهارات الحركية أو الكلام أو المهارات الأكاديمية (د) ضعف الوعي بجسم الشخص (هـ) مواجهة صعوبة عند التواجد في مكان غير مألوف أو التعامل مع ألعاب أو مهام جديدة (و) صعوبة التأقلم مع التنظيم الذاتي مثل تهدئة أنفسهم (Ikonen, 2001). فقد يشعر الطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد على سبيل المثال بانزعاج شديد عندما يكون في مركز تسوق صاخب.
يمكن تعريف علاج التكامل الحسي على أنه التدخل لمساعدة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات المعالجة الحسية من خلال تحفيز هذه المعالجة. ولا ينحصر دور علاجات التكامل الحسي النموذجية المستخدمة مع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في تهدئة قلقهم فحسب، بل أيضًا تساعدهم على تحمل بيئة حسية غنية وبالتالي تحسين سلوكياتهم الصعبة أو وظائفهم ومهاراتهم الاجتماعية. ومن بعض الأمثلة على أجهزة العلاج بالتكامل الحسي نذكر الضغط العميق والفرشاة الحسية والسترات الثقيلة. كما توفر جلسات العلاج أيضًا أنشطة للمنبهات الدهليزية والسمعية واللمسية من خلال استخدام مواد موجهة للعب مثل الترامبولين أو الكرات أو الأراجيح أو المزالق. ويتم تطبيق العلاج التكامل الحسي في بيئات مختلفة مثل المنازل والمجتمعات والمدارس والعيادات.
على الرغم من استخدام علاج التكامل الحسي في اضطراب طيف التوحد على نطاق واسع كإطار تدخل سلوكي في المدارس والعيادات السريرية، إلا أن هناك أدلة محدودة وأخرى جديدة على فعالية هذا العلاج [1]. ففي حين يذكر (Schoen et al., 2019) أن عددًا متزايدًا من الدراسات قد قدم نتائج إيجابية لتدخلات التكامل الحسي، يشير (Weitlauf et al., 2017) إلى القيود التجريبية للعلاج بالتكامل الحسي كظروف السكان المستهدفين ونوع التدخلات وتنوع النتائج. ومع ذلك، تشير الأدبيات إلى أن التجارب السريرية واسعة النطاق ضرورية لتحقيق نتائج أوضح وأكثر اتساقًا (Camarata et al., 2020).
المساحات المغلقة للأطفال ذوي التوحد
كثيرًا ما يستقبل الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد الأصوات أو المشاهد ويفسرونها بشكل مختلف. فالكثير منهم يظهرون ردود فعل مختلفة تجاه المساحات المفتوحة الكبيرة ذات الألوان الزاهية أو الضوضاء المستمرة أو الحشود التي تثير لديهم مستويات عالية من القلق وتسبب لهم الإرهاق (Guardado & Sergent, 2022). وقد تم استخدام حجرات الحرمان الحسي في السنوات الأخيرة لمساعدة الأفراد الذين يعانون من اضطرابات المعالجة الحسية، ومعظمهم من ذوي التوحد على الشعور بمزيد من الاسترخاء والهدوء. وعندما يحتاج الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد إلى الهروب من بيئة التحفيز المفرط توفر الحجرة الحسية للطفل مساحة شخصية آمنة مما يوفر ميزات مختلفة مثل الباب المنزلق والبطانيات الناعمة والأضواء متعددة الألوان ومكبرات الصوت. (انظر الشكل 1).
الشكل 1. مثال على الحجرة الحسية في الفصل الدراسي
وعلى سبيل المثال، أطلقت جامعة دبلن سيتي (DCU) في أيرلندا مبادرات صديقة للتوحد ومشروع بحثي يركز على فهم أفضل للتحديات والصعوبات التي يواجهها طلابهم من ذوي اضطراب طيف التوحد للاستقرار والتكيف مع الحياة الجامعية. وقد كشف دليل تصميم الجامعة الصديقة لذوي التوحد عن الضغوطات الحسية التي تمنع النفاذ الفعال للطلاب من ذوي التوحد في البيئة الجامعية (Mostafa, 2021). وتتضمن بعض الأمثلة على هذه الضغوطات الحسية الروائح الصادرة من الكافتيريا أو الجدران الحمراء أو أصوات جهاز الإسقاط أو الأثاث المزدحم. وبهدف مساعدة الطلاب ذوي التوحد على إدارة مشاعرهم المفعمة بالضيق والقلق من بيئات الحرم الجامعي، تم وضع ثلاث حجرات حسية في مكتبات عبر ثلاثة مواقع مختلفة للحرم الجامعي لتزويدهم بمساحة مخصصة هادئة ومغلقة (انظر الشكل 2). وقد كشفت الجامعة أنه ومن خلال جهود المبادرات الجامعية الصديقة للتوحد أصبح الطلاب ذوي التوحد يتعاملون مع حياتهم الجامعية بشكل أفضل من خلال الوصول إلى الحجرات الحسية لتقليل الحمل الحسي الزائد لديهم (Ryan, 2019) .
وقد تم توفير حجرة حسية في مركز مدى كجزء من اتفاقية الرعاية بين مدى و(SensoryPod) لتوفير تجربة محلية شاملة في المنطقة في إطار برنامج مدى للابتكار (Thani et al., 2019).
الشكل 2. الحجرة الحسية في جامعة مدينة دبلن
الشكل 3. الحجرة الحسية في مركز مدى
استخدام الواقع الافتراضي في الأماكن المغلقة
يعد استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي أحد العناصر الرئيسية للحجرات الحسية. حيث تُستخدم سماعات الرأس الخاصة وأجهزة الواقع الافتراضي الأخرى لإنشاء تجربة بصرية غامرة تمامًا للمستخدم (Othman & Mohsin, 2017). ويمكن دمج هذه التكنولوجيا مع العناصر الحسية الأخرى مثل الصوت واللمس لخلق تجربة متعددة الحواس بحق. وتوجد عدة طرق لاستخدام الواقع الافتراضي في الحجرات الحسية. فعلى سبيل المثال يتم استخدام بعض الحجرات لتوفير الاسترخاء وتخفيف التوتر من خلال تمارين التأمل والتخيل الموجهة. ويمكن تحسين هذه التمارين باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي مما يسمح للمستخدمين بتصور أنفسهم في بيئة هادئة وهادئة مثل الشاطئ أو الغابة. كما يتم استخدام الحجرات الحسية الأخرى لأغراض الترفيه مثل ألعاب الواقع الافتراضي أو الأفلام. حيث أنه يمكن لهذه الحجرات أن توفر تجربة ألعاب أو مشاهدة أفلام غامرة تخرج المستخدم من العالم الحقيقي إلى عالم افتراضي. ويعتبر المجال العلاجي مجالاً آخر تستخدم فيه هذه التكنولوجيا حيث يتم إدماجها في الحجرات الحسية. فيمكن على سبيل المثال استخدام الواقع الافتراضي لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الرهاب أو اضطرابات القلق الأخرى على مواجهة مخاوفهم في بيئة افتراضية خاضعة للرقابة. كما يمكن استخدامه لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية على استعادة الحركة أو القوة من خلال تمارين إعادة التأهيل الافتراضية.
هناك الكثير من الفوائد لاستخدام الواقع الافتراضي في الحجرات الحسية. وتتمثل إحدى المنافع الرئيسية لهذه التكنولوجيا في القدرة على إنشاء تجربة غامرة بالكامل يمكن تخصيصها وفقًا لاحتياجات المستخدم. حيث يتيح ذلك تجربة شخصية للغاية يمكن تخصيصها وفقًا للهدف المحدد للمستخدم سواء كان ذلك الاسترخاء أو الترفيه أو العلاج. ومن المنافع الأخرى للواقع الافتراضي نذكر القدرة على إنشاء بيئات افتراضية قد يكون من الصعب أو المستحيل تجربتها في العالم الحقيقي. ويمكن أن يشمل ذلك أشياء مثل محاكاة السفر في الفضاء أو استكشاف مواقع غريبة.
بشكل عام، يعد دمج الواقع الافتراضي في الحجرات الحسية تطورًا واعدًا يساعد على تعزيز التجربة الحسية في مجموعة متنوعة من الإعدادات والبيئات. ويتم استخدام الواقع الافتراضي لإنشاء تجارب حسية غامرة وشخصية يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على حياة الناس بدءاً من الاسترخاء وتخفيف التوتر وصولاً إلى الترفيه والعلاج.
نظام الاتصالات عبر تبادل الصور في الحجرات الحسية
يمكن أن يكون دمج الصور التوضيحية مثل تلك المستخدمة في نظام الاتصالات عبر تبادل الصور (PECS) في الحجرات الحسية طريقة مفيدة لتحسين تجربة المستخدم للأشخاص ذوي صعوبات التواصل مثل ذوي اضطراب طيف التوحد (Othman & Al-Sinani, 2021). وهذا النظام هو نظام اتصال يستخدم الرموز أو الصور المرئية لمساعدة الأفراد على التعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم. ويسمح دمج هذا النظام في الحجرات الحسية للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد أو ذوي تحديات التواصل الأخرى بالتفاعل بسهولة أكبر مع بيئتهم الحسية والتحكم فيها. فيمكن أن تحتوي الحجرة الحسية على سبيل المثال على شاشة بها سلسلة من الصور التوضيحية التي تمثل تجارب حسية مختلفة مثل الموسيقى أو الأضواء أو الروائح، ويمكن للمستخدم تحديد التجربة الحسية المطلوبة من خلال الإشارة إلى الرسم المقابل. ويساعد ذلك في جعل التجربة الحسية أكثر تفاعلية وجاذبية ويوفر أيضًا أداة مفيدة للأشخاص ذوي التوحد للتعبير عن تفضيلاتهم واحتياجاتهم.
الخاتمة
يعاني معظم الأطفال ذوي التوحد من نوع من مشاكل المعالجة الحسية. وتشكل التصميمات المعمارية (أي لون الجدران) والبيئات المختلفة (مثل تلك ذات الحشود الصاخبة) حواجز أمام دمجهم بالكامل في المدرسة أو المجتمع. ومع ذلك، فإنه ليس من السهل تعديل أو إعادة تصميم المباني والبيئة الحالية. وبدلاً من ذلك، يمكن أن تكون الحجرة الحسية هي الخيار البديل، وهي عبارة عن مساحة ميسورة التكلفة وهادئة وآمنة يمكن تركيبها بسهولة في المدارس والجامعات والمستشفيات والمكتبات والمطارات. ومع ذلك، لا يوجد حاليًا أي دليل تجريبي على فعالية الحجرة الحسية كحل علاجي حسي. ولذلك فإنه من أجل تطوير أفضل الممارسات باستخدام الحجرات الحسية هناك حاجة لدراسات تجريبية لتقييم تأثيرها على الأطفال ذوي التوحد وعلى عملية العلاج الحسي في بيئات مختلفة.
من الممكن أن تشمل التوجهات المستقبلية المحتملة للبحث حول الحجرات الحسية التركيز على تحسين تجربة المستخدم الإجمالية من خلال تعزيز الواقعية والانغماس في المحفزات الحسية التي توفرها هذه الحجرات. وقد يتضمن ذلك استخدام حلول تكنولوجية أكثر تقدمًا مثل الواقع الافتراضي أو ردود الفعل اللمسية لإنشاء بيئة حسية أكثر إقناعًا وحيوية للمستخدم. ويمكن أن يكون مجال البحث الآخر هو استكشاف الإمكانات العلاجية للحجرات الحسية من خلال دراسة تأثيرات المنبهات الحسية المختلفة على مختلف حالات الصحة العقلية مثل القلق والتوتر والاكتئاب. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يركز البحث على تطوير الحجرات الحسية التي تكون أكثر قابلية للنفاذ والحمل، فمن المحتمل أن تستخدم تكنولوجيا الهاتف المحمول أو تلك التي يمكن ارتداؤها للسماح باستخدام أكثر ملاءمة وانتشارًا لهذه الحجرات في مختلف البيئات.