مدى فاب لاب: بيئة شاملة للإبداع والابتكار في التصنيع والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتأثيرها على الأشخاص ذوي الإعاقة

مدى فاب لاب: بيئة شاملة للإبداع والابتكار في التصنيع والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتأثيرها على الأشخاص ذوي الإعاقة

أشرف عثمان، شهباز أحمد، الدانة المهندي

ورقة علمية Online وصول مفتوح | متاح بتاريخ:25 أكتوبر, 2022 | آخر تعديل:25 أكتوبر, 2022

ملفّ PDF نفاذنفاذ 21

ملخص

تستخدم مختبرات التصنيع الرقمي (FabLabs) لتجسيد المفاهيم. ويمكن لهذه المختبرات تحسين القدرات المعرفية والإبداعية عند استخدامها في وضع التعلم التصميمي. وقد حاولت العديد من الدراسات فهم العلاقة بين مساحات العمل والإبداع في مجموعة متنوعة من التخصصات، مع القدرة على توليد نتائج مبتكرة في فضاءات التصنيع التي تعتمد على الإبداع. ومع ذلك، لا توجد دراسة تقدم منظورًا شاملاً لمساهمات هذه المختبرات كأماكن شاملة تحفز الإبداع للأشخاص ذوي الإعاقة. ومن أجل معالجة  هذه الفجوة، تقدم الورقة التالية نظرة عامة على مختبرات التصنيع ومساحات المصنعين والإبداع، وتقدم أول مختبر من نوعه “مدى فاب لاب”، كأول مختبر تصنيع شامل في العالم مصمم خصيصًا للمبدعين ذوي الإعاقة. لقد كشفت الدراسات أن هذه المختبرات تساهم في تنمية الشخص المبدع والمنتج والبيئة المادية والاجتماعية فضلاً عن العملية الإبداعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مختبر مدى فاب لاب يعزز مهارات حل المشكلات والتعاون ومهارات الاتصال ويوفر مواقع وأدوات جذابة لتطوير حلول إبداعية لتحديات العالم الواقعي واحتياجاته والتي يحددها الأشخاص ذوو الإعاقة. لقد حددنا وحللنا خمسة موضوعات مهمة تتعلق بالمهارات الفنية والعوامل التكنولوجية والبيئية وتعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتنمية المهارات وركزنا على أهميتها في تعزيز الإبداع في مختبر التصنيع الشامل.

الكلمات المفتاحية: مختبر التصنيع الرقمي Fablab، مدى فاب لاب MadaFabLab ، تعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM ، التعليم الشامل، الإبداع، الابتكار.

مقدمة

يُعرَّف مختبر التصنيع الرقمي (FabLab) بأنه “بيئة تعليمية إبداعية قابلة للتكيف بشكل فريد مع الأدوات والمواد التي يمكن أن تكون مادية و/أو افتراضي ، حيث تتاح للطلاب فرصة الاستكشاف والتصميم واللعب والتعاون والاستعلام والتجربة وحل المشكلات والاختراع. “[1]. ويتم التركيز في مختبر التصنيع بشكل أكبر على استخدام المعدات المحددة مسبقًا في كثير من الأحيان (مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد أو قواطع الليزر أو طاولات العمل الإلكترونية) وعلى نطاق التدريب المتعلق بهذه المعدات.وتتيح هذه التقنية دعم الكمبيوتر والتصنيع الطرحي والتصميم وتصنيع النماذج الأولية السريعة  فضلاً عن التجسيد البسيط للمنتجات المخصصة للغاية. وتعتبر تقنية التصنيع الرقمي جزءًا لا يتجزأ من مختبرات التصنيع واستوديوهات الاختراع وأجهزة التصنيع الشخصية. وقد استخدم شميدت مصطلح [2] “المختبرات الإبداعية المفتوحة” كمصطلح شامل لجميع المختبرات المذكورة في مختلف الأدبيات: ريادة الأعمال والمكتبات العامة وتعليم التصميم والتعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) والتعليم والممارسات الطبية والاستدامة [3]. وقد وصفت غالبية الأبحاث التي أجريت على مختبرات التصنيع هذه المختبرات بأنها بيئات إبداعية مبنية تساعد الطلاب والمهندسين والمصممين والمهندسين المعماريين والمتخصصين في الرعاية الصحية في تطوير حلول مبتكرة لمشاكل العالم الحقيقي. وفي هذا الصدد، فإن البيئة المحفزة تعزز تطوير الأفكار والحلول الإبداعية. وهناك دليل على التأثير المتزايد لبيئات أماكن العمل مثل مساحات العمل على الابتكار والإبداع [4]. فعلى سبيل المثال تم اكتشاف أن جودة البيئة المادية تؤثر بشكل إيجابي على الإبداع الفردي والجماعي. وفي المقابل، يمكن للخصائص السلبية للبيئة المادية أن تمنع الإبداع [5].

تؤثر تقنية التصنيع الرقمي المستخدمة في مختبرات التصنيع لى تفكير المستخدمين وأفكارهم ومهاراتهم وقدرتهم على إنتاج حلول إبداعية في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك الفن والعلوم والهندسة. وقد خلصت دراسة أجراها ساورين Saorin et al [6] على مساحات التصنيع إلى أن أدوات التحرير الرقمية والطابعات ثلاثية الأبعاد ساهمت في تطوير القدرة الإبداعية لطلاب الهندسة. وبالإضافة إلى تعزيز تطوير المهارات الإبداعية، فإن هذه المساحات مفيدة لتعزيز التعاون وحل المشكلات والتواصل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) [7].

وتسعى هذه المقالة إلى فهم تأثير البيئات المبنية  مثل مختبرات التصنيع على الإبداع وفقًا للشخص والعملية  والمنتج والخصائص البيئية (المادية والاجتماعية) وجوانب التعاون مع التركيز على الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد تم عرض أربع نتائج في هذا المقال وقسم مخصص لمبادرة مدى لإنشاء مختبر تصنيع شامل يسمى ” مدى فاب لاب”.

التعلم وتنمية المهارات في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

يلعب مختبر التصنيع دورًا مهمًا في مساعدة الطلاب ذوي الإعاقة على تطوير مهارات التفكير الإبداعي والتواصل والتعاون لا سيما عند تنفيذ نهج “التعلم بالممارسة”. وقد شكل نوع التدريس المستخدم في مختبر التصنيع عاملاً آخر ساهم في تنمية القدرات الإبداعية للطلاب. وقد أثر استمتاع الطلاب بعملية التعلم وتوافر بيئة داعمة تقنيًا  في المقام الأول في تشكيل دافع لهم للتعلم والتفكير والتصرف بشكل إبداعي. كما ظهر أنه كان للاستكشاف والاستفسار وتفحص المواد المستخدمة دوراً كبيراً في تعزيز النتائج الإبداعية من وجهة نظر تجريبية. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث وجود دافع للإبداع في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات عبر هذه المختبرات. وأوضح سميث أنه يمكن استخدام مختبرات التصنيع في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لتحسين المهارات والقدرات الإبداعية مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والتعاون في التصميم. وفي هذا الصدد، يمكن أن يكون للقطع المصنعة والمواد المهملة الموجودة في أماكن التصنيع آثار كبيرة على تعلم كيفية تعزيز الإبداع. وعلى وجه الخصوص، تعزز مختبرات التصنيع بيئات التعلم المواتية حيث تكون النماذج الأولية وأنشطة التصميم الأخرى ضرورية لتطوير الفكر الإبداعي وحل المشكلات والمهارات التعاونية.

تعزيز الكفاءة الإبداعية الفردية

يعتبر الإبداع ضرورياً للنجاح في العديد من المجالات بما في ذلك التصميم والهندسة. ومن الضروري تطوير حلول بديلة مبتكرة لمشكلة ما. ووفقا لدراسة في مجال الهندسة فإن مساحات التصنيع المجهزة بأدوات التحرير الرقمية والطابعات ثلاثية الأبعاد تحفز الإبداع [7]. وبالمثل، أوضح دوينياس وبيركنز أن مساحات التصنيع التي تسهل التعامل مع مجموعة متنوعة من الأدوات والمواد تساعد المستخدمين على تطوير كفاءات إبداعية مثل الوعي الذاتي واحترام الذات والقدرة على التعامل مع المشاعر السلبية والقدرة على تكوين علاقات إيجابية [8]. وبالمثل، أوضح طاهري وآخرون. [9] أن مختبرات التصنيع تساهم في خلق شعور قوي بالمجتمع والثقة بالنفس وقدرات ريادة الأعمال في مجال الهندسة هذا بالإضافة إلى تعزيز الإبداع. بالإضافة إلى ذلك، فإنها أدت إلى زيادة مهارات المستخدمين في حل المشكلات والتواصل والعمل الجماعي. اكتشفHoople et al. [10]  أن وجود ممارسين متمرسين وقواعد واضحة للمشاركة كانت في غاية الأهمية لتنمية الكفاءة الإبداعية الرسمية وغير الرسمية داخل مساحات التصنيع. وفي الختام نجد أن مختبرات التصنيع ومساحات المصنعين تلعب دورًا مهمًا في تطوير المهارات الإبداعية الفردية لا سيما في المجالات الهندسية.

تطوير المنتجات الإبداعية

يجب ألا تكون المنتجات الإبداعية إبداعية ومميزة فحسب، بل يجب أن تكون مفيدة و/أو عملية و/ أو وظيفية أيضًا. ويعتبر تطوير المنتجات الإبداعية مسعى معقد يحتاج إلى عمل جماعي متعدد التخصصات مع الأدوات اللازمة. وبهذا المعنى فإن التعاون متعدد التخصصات الذي تم تمكينه باستخدام تقنيات التصنيع الرقمي في مختبرات التصنيع يمكن أن يحفز الابتكار في النتائج (أي تصنيع النماذج الأولية والمنتجات). ووفقًا لبحث في التمريض والهندسة يساعد التعاون في بيئة مختبرات التصنيع في الكشف عن تحديات العالم الحقيقي وإنتاج أفكار مبتكرة وتطوير نماذج أولية قابلة للتطبيق تجاريًا. كما سلطت دراسات أخرى الضوء على الدور الإيجابي الذي تلعبه مساحات المصنعين في تصور وتطوير السلع المستدامة والإبداعية والقابلة للحياة [11]. ووفقًا للمقالات التي تمت مراجعتها يجب اعتبار مختبرات التصنيع ومساحات العمل بيئات مثالية لإنتاج مخرجات إبداعية. ويبدو أن هذه الأماكن تتمتع بالظروف المادية والموارد اللازمة لتطوير الأفكار الحقيقية وتصنيعها لتكون سلع فريدة وطويلة الأمد.

تعزيز الإبداع من خلال بيئات التعلم التحفيزية والملهمة

مكن النظر إلى مساحات التصنيع عندما يتم دعمها بالوسائل المناسبة مثل أدوات التصنيع الرقمي على أنها بيئات تعلم ديناميكية حيث يشارك المستخدمون في المساعي الإبداعية [12]. وفي السياق التعليمي، تمكّن مساحات العمل الأفراد من التعبير عن أنفسهم وبالتالي زيادة احتمالية تطوير حلول إبداعية. وقد اكتشف تراهان وآخرون أن توفير بيئة تعليمية يُسمح فيها للطلاب والمعلمين بالفشل شجعهم على التجربة والاستكشاف دون خوف بالإضافة إلى إشراك آخرين في أنشطتهم الإبداعية [13].

وبحث فورست وآخرون [14] في تأثير فضاءات الصناعة على الإدراك الذاتي. حيث اكتشفوا أن 90٪ من المستخدمين يعتقدون أن فضاءات الإبداع تشجّعهم على ممارسة المهن التي تتطلب الإبداع والتصميم والابتكار والاختراع. بالإضافة إلى ذلك ، كشفت أبحاثهم أن التعليم بالتصميم والبناء يعزز الابتكار والإبداع وريادة الأعمال في الهندسة. وقد أثبتت الدراسات أن مختبرات التصنيع ومساحات العمل لها تأثير جيد على التعبير عن الذات والإلهام والتحفيز والقدرات الإبداعية لمستخدميها من خلال توفير بيئات مادية واجتماعية مشجعة وداعمة [15].

مدى فاب لاب

تمتلك مختبرات التصنيع القدرة على تغيير أنماط التصنيع وتعزيز مهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) وإنشاء المؤسسات والوظائف وتحفيز النمو الاقتصادي والإنتاجية. وهي تحقق ذلك من خلال السماح فعليًا لأي فرد من عامة الجمهور لديه أفكار إبداعية بالمشاركة في تصميم وإنتاج وتوزيع السلع والخدمات. وقد وفرت الشبكة العالمية الموسعة من مختبرات التصنيع الرقمي (Fablabs)  ساحة جديدة تمامًا من الفرص على المستوى المحلي لتعزيز الإبداع والاختراع والبحث التطبيقي عبر الصناعات. ومع ذلك وكما هو مذكور في المقدمة فإنه مثلما لم يتم توزيع الإنترنت بشكل متسق أو شامل للجميع فقد ارتكبت بعض مختبرات التصنيع الرقمي (Fablabs)  في جميع أنحاء العالم نفس الخطأ.  حيث أن نهجهم يتجاهل التصميم الشامل لصالح التعاون في العمل مما يؤدي إلى وجود “مقاس واحد يناسب شخصًا واحدًا” مقابل مقولة “التصميم الشامل” المتمثلة في “مقاس واحد يناسب الجميع”.

وبشكل لا يصدق فإن العملية التي اتبعها مركز مدى لبناء وإطلاق أول مختبر فاب لاب في العالم مخصص حصريًا للأشخاص ذوي الإعاقة أصبحت معيارًا عالميًا باسم مدى فاب لاب (https://fablab.mada.org.qa) المدعوم من قبل برنامج مدى للابتكار [16]. ونظرًا لأنه لم يتم تصميم مساحتها وأثاثها فحسب بهدف دمج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن سيتم أيضًا تصميم محتواها بنفس الاستراتيجية وسيتم الجمع بين التكنولوجيا المساعدة والدورات التدريبية عبر الإنترنت مع التصنيع الرقمي. وستسهل هذه الاستراتيجية عملية تغيير الأعراف الاجتماعية والمعتقدات والمواقف فضلاً عن معالجة التحيزات والوصمة اللاواعية ووضع سياسات وإجراءات في مراكز التدريب تتماشى مع هذه التغييرات. ففي عالم متغير باستمرار ومدفوع بالعلم والابتكار يجب أن يستخدم التعليم والتدريب الشاملان التكنولوجيا لتعزيز النفاذ الشامل والتعلم الفردي بشكل متزايد.

Share this