آفاق استخدام الواقع الافتراضي لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة

آفاق استخدام الواقع الافتراضي لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة

أميرة ذويب

ورقة علمية Online وصول مفتوح | متاح بتاريخ:08 مايو, 2023 | آخر تعديل:08 مايو, 2023

ملفّ PDF نفاذنفاذ 22

الملخص

أصبحت تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) مجالًا شائعًا للدراسة في السنوات الأخيرة. وقد أثبتت هذه التكنولوجيا فعاليتها في مجموعة متنوعة من التطبيقات المفيدة لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة. ويستكشف هذا المقال الاتجاهات الحالية التي تناقش دور وتطبيقات الواقع الافتراضي في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة. كما يناقش المقال مزايا الواقع الافتراضي وكيف يمكن استخدامه  كتكنولوجيا مساعدة للحد من آثار الإعاقة وزيادة استقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة. ويتناول المقال مجموعة من التطبيقات الناجحة للواقع الافتراضي لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة  ومنها تطبيق مساعد من مركز مدى لدعم الأشخاص ذوي الإعاٌقة بالاعتماد على الواقع الافتراضي.

الكلمات المفتاحية – البيئة الافتراضية، قابلية النفاذ، الواقع الافتراضي، التكنولوجيا المساعدة.

المقدمة

برز الواقع الافتراضي على مدار العقود الماضية كتكنولوجيا مبتكرة في مجالات مختلفة مثل مجال الرعاية الصحية لإعادة التأهيل والعلاج (Bird et al., 2017). وقد تناول العديد من الباحثين منذ ظهور هذه التكنولوجيا مزايا تطبيق الواقع الافتراضي على الأشخاص ذوي الإعاقة. ويمكن للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال هذه التكنولوجيا الاستفادة من التطبيقات والخدمات القابلة للنفاذ الأمر الذي يزيد من درجة استقلاليتهم. وفي هذا السياق، أصبح استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي للأشخاص ذوي الإعاقة ضروريًا لمطوري تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (Kamieth et al., 2011). وبمرور الوقت، تم إطلاق العديد من المبادرات لاستخدام الواقع الافتراضي في مجموعة واسعة من مجالات إمكانية النفاذ والتي تستهدف الإعاقات المختلفة مثل الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية وذوي الإعاقات الإدراكية.

وسنقدم في هذه المقالة ملخصًا للدراسات ذات الصلة التي تبحث في مجموعة من تطبيقات الواقع الافتراضي لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة. كما نقدم أيضًا دور ومزايا تكنولوجيا الواقع الافتراضي جنبًا إلى جنب مع بعض مشاريع الواقع الافتراضي المساعدة المستخدمة في مركز مدى.

دور ومزايا تكنولوجيا الواقع الافتراضي

تصف تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) عملية إنشاء بيئة افتراضية  (VE) باستخدام أجهزة الكمبيوتر والتقنيات الأخرى (Kamieth et al., 2011). فمن خلال تجربة الشعور بتجربة الانغماس في هذا الواقع، يمكن توفير وسيلة فعالة لممارسة المهارات الاجتماعية ومهارات الحياة اليومية للمستخدمين (Zhang et al., 2022). ومن ميزات تكنولوجيا الواقع الافتراضي الأخرى نذكر إمكانية التحكم في نوع المحفزات وعددها وترتيبها المقدم في السيناريو الظاهري للمستخدمين. حيث يمكن للمتخصصين تكييف تدخلاتهم عن طريق تكييف البيئة الافتراضية وفقًا للشروط المحددة لكل مستخدم (Kamieth et al., 2011). وتعد القدرة على خلق بيئة واقعية من المنافع الإضافية للواقع الافتراضي. فمن خلال استخدام الواقع الافتراضي يُسمح للمستخدمين بتجربة مساحة افتراضية تشبه الواقع على الرغم من وجود بيئة مقيدة (Kamieth et al., 2011). وفي الوقت الحاضر، تتعلق أهم مجالات تطبيقات الواقع الافتراضي بالتشغيل عن بعد والتعلم والعلاج والتدريب. وتساعد معظم هذه التطبيقات في إنشاء بيئة مرنة ومفيدة بين المستخدمين والمتخصصين. وقد تمكن هذه البيئة المتخصصين من تحديد وتخصيص السيناريوهات والأنشطة والقياسات المطلوبة لتلبية احتياجات المستخدمين وتقييم تقدمهم. ويصف القسم التالي بعضًا من أهم تطبيقات تكنولوجيا الواقع الافتراضي للأشخاص ذوي الإعاقة.

 

الواقع الافتراضي: تكنولوجيا مساعدة فعالة

برز الواقع الافتراضي على مدار العقود القليلة الماضية كتكنولوجيا فعالة في مجموعة من المجالات الصحية مثل علاج الصحة العقلية والتشخيص (Zhang et al., 2022) (Jeffs, 2009). وقد شجع الاستخدام الواسع النطاق للواقع الافتراضي العديد من الباحثين على التفكير في إمكانات استخدام هذه التكنولوجيا لدعم تشخيص وإعادة تأهيل الإعاقات المختلفة. ومن الأمثلة على هذه الإعاقات الإعاقات المادية والإدراكية والحسية (Jeffs, 2009).

2.1 تطبيقات الواقع الافتراضي للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد (ASD)

تعرف الجمعية الأمريكية للطب النفسي اضطراب طيف التوحد على أنه فئة من الاضطرابات النامية العصبية التي تتميز بتأخر في الحصول على العديد من القدرات الأساسية (Frey, 2018). وأظهرت الأبحاث والتجارب السابقة أن استخدام الواقع الافتراضي قد يشكل تقنية مفيدة في عملية التدخل وتقديم الدعم للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد (Almazaydeh et al., 2022). وترتبط هذه الفوائد بالجوانب الاجتماعية المختلفة مثل الأداء الاجتماعي ومعالجة المشاعر والكلام. وفي مجال التعرف على العواطف، على سبيل المثال، فقد دمجت الدراسات المختلفة الواقع الافتراضي مع إشارات الفيزيولوجيا النفسية الديناميكية لتعزيز مقاربات التدخل. وفي (Modugumudi et al., 2013)، أجريت دراسة الفيزيولوجيا الكهربية لاختبار ما إذا كان يمكن للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد التعرف بشكل فعال على المشاعر الأساسية مع وبدون بيئة افتراضية تعاونية (CVE). وأشارت النتائج إلى أن التدخل القائم على البيئة الافتراضية التعاونية قد يحسن بشكل كبير من القدرة على التعرف على المشاعر لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. وأجريت دراسة أخرى (Almazaydeh et al., 2022) لتقييم فعالية بيئة التعلم القائمة على الواقع الافتراضي للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد لممارسة المهام اليومية المتعلقة بالبيئة المدرسية بأمان والتدرب عليها. وكانت الفكرة الرئيسية للدراسة هي إجراء محاكاة آمنة لمواقف الحياة الواقعية للأطفال ذوي طيف التوحد في عالم المدرسة الخارجية.

 

2.2 تطبيقات الواقع الافتراضي للأشخاص ذوي الإعاقات المعرفية

قد يواجه الأشخاص ذوي الإعاقات المعرفية في كثير من الأحيان تحديات في مجال الانتباه والذاكرة واكتساب المعرفة. ويمثل استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي لهؤلاء الأشخاص هدفًا مهمًا للبحث للباحثين في الواقع الافتراضي. وقد تم استكشاف هذا الهدف في مجال علاج مختلف الاضطرابات المعرفية. فيمكن خلال الواقع الافتراضي توفير فرص متنوعة ومحفزة لشمول الأشخاص ذوي الإعاقات المعرفية المعتدلة أو الحادة في التعليم. إن الغرض من بيئات التعلم الافتراضية هو تشجيع التعلم التفاعلي وتحسينه (Jeffs, 2009) . كما أنها توفر العديد من الفرص للمتعلمين للسيطرة على عملية التعلم. ويمكن للأشخاص ذوي الإعاقات المعرفية من خلال الواقع الافتراضي أن يدرسوا بعناية نقاط قوتهم وأساليب التعلم المفضلة لديهم فيما يتعلق بمهمة التعلم المطلوبة ونتائج التعلم المرغوبة. ويمكن بهذه الطريقة تخصيص البيئات الافتراضية لتناسب أساليب التعلم المختلفة مثل تلقي المعلومات السمعية أو المرئية.

2.3 تطبيقات الواقع الافتراضي للأشخاص  ذوي الإعاقات الحسية

يواجه الأشخاص ذوي الإعاقات الحسية مشاكل مع واحدة أو أكثر من حواسهم، بما في ذلك السمع والرؤية واللمس. ويمكن أن تلعب تكنولوجيا الواقع الافتراضي دورًا مهمًا في مساعدة هؤلاء الأشخاص على تجربة ما يمكن أن يكون تحديًا مستحيلًا بالنسبة لهم. فهذه التكنولوجيا تحول طريق وصول المعلومات ليمكن التعرف عليها بواسطة الحواس غير المتضررة. ويمكن من خلال الواقع الافتراضي إنشاء عمليات محاكاة للأشخاص الذين يعانون من ضعف حسي مثل المكفوفين وضعاف السمع والصم. إن الغرض الرئيسي من هذه التطبيقات هو مساعدتهم في تعلم كيفية استخدام أدوات جديدة (على سبيل المثال، عصا المشي ولغة الإشارة) (Teófilo et al., 2018). وتقترح دراسة (Ghoul & Othman, 2022) نهجاً جديداً يعتمد على تكنولوجيا الواقع الافتراضي لمساعدة أولياء الأمور والمعلمين في تعلم أساسيات لغة الإشارة القطرية. وفي مشروع آخر (Torres-Gil et al., 2010)، تم تطوير تطبيق الواقع الافتراضي للأشخاص من ذوي الإعاقات البصرية. ويتمثل الهدف الرئيسي هنا في اقتراح تمثيل سمعي للبيئة الافتراضية مما يجعل العالم الافتراضي يعمل بنجاح عبر حاسة السمع.

استخدام الواقع الافتراضي كأحد حلول التكنولوجيا المساعدة في مركز مدى

في الآونة الأخيرة، تم اقتراح بعض المشاريع من قبل مركز مدى لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي. فقد تم على سبيل المثال إطلاق مشروع بحثي جديد بعنوان ” مختبر محاكاة رحلة الطيران” لدعم أولياء الأمور والأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد أثناء رحلة الطيران. وينفذ هذا المشروع البحثي المقترح في إطار برنامج مدى للابتكار مختبر محاكاة يعتمد على أفضل جوانب الواقع الافتراضي والواقع المعزز لمحاكاة رحلة الطيران الكاملة للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في البيئات الغامرة. وكما نعلم فإن واحدة من السمات الشائعة للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد هو الميل إلى اعتبار المواقف والبيئات غير المعروفة كمصدر للقلق. ومن الشائع بالنسبة لهم أن يميلوا إلى تجنب التجارب الجديدة بما في ذلك السفر إلى وجهات جديدة، وبالتالي يمكن أن تشكل بيئة رحلة الطيران تجربة تفوق قدراتهم. يوفر مختبر المحاكاة للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد ولعائلتهم فرصة لتجربة السفر الجوي دون قلق. وسيستهدف الحل الجوانب الرئيسية للطيران وجميع المعايير الرئيسية المتعلقة به. كما سيتحكم كلا من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد والمعالجين في ما ينبغي عرضه وسماعه في البيئة الافتراضية.

الخاتمة

تتنوع استخدامات تكنولوجيا الواقع الافتراضي لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة بنفس قدر تنوع مستخدميها. وقد أثبتت هذه التكنولوجيا على مر السنين فائدتها للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال العديد من المشاريع البحثية والتجارب. إن الغرض من هذه المقالة هو تقديم ملخص للدراسات ذات الصلة التي تبحث في مجموعة من تطبيقات الواقع الافتراضي للأشخاص ذوي الإعاقة. كما تصف المقالة دور ومزايا تكنولوجيا الواقع الافتراضي جنبًا إلى جنب مع شرح تجربة ناجحة لاستخدام مركز مدى تطبيقاً مساعداً بتكنولوجيا الواقع الافتراضي.

Share this