بناء القدرات البحثية في مجال النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دولة قطر
ورقة علمية وصول مفتوح | متاح بتاريخ:25 أكتوبر, 2022 | آخر تعديل:25 أكتوبر, 2022
الملخص
لقد حظيت إمكانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في تعزيز النمو الاقتصادي والقضاء على الفقر والمساعدة على دمج البلدان الناشئة في الاقتصاد العالمي بقبول واسع النطاق. وقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات القابلة للنفاذ التزامًا تحكمه السياسات والإجراءات في جميع أنحاء العالم. ولذلك فقد أصبح الآن تدريب الجيل القادم من الخبراء هدفًا استراتيجيًا للحكومات والمؤسسات التي تعمل من أجل الشمول والمستقبل المستدام. كما أن هناك إجماعاً متزايداً على أن تعزيز القدرة البحثية يتطلب جهودًا من قبل عبر جهات متعددة. وتناقش هذه الورقة لمحة عامة عن بناء القدرات البحثية المتعلقة بإمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دولة قطر بما في ذلك دراسة حالة عن تجربتنا في جامعة حمد بن خليفة والعمل مع مركز مدى.
الكلمات المفتاحية: بناء القدرات، التعليم الشامل ،البحث ،قطر
مقدمة
تحولت إمكانية النفاذ في العديد من البلدان حول العالم من كونها مجرد خيار لتصميم وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) إلى التزام أخلاقي وسياسة يفرضها القانون. وهناك العديد من الوسائل والطرق لتعزيز إمكانية النفاذ في النظام البيئي. ومع ذلك، فإن الجانب الأساسي والأكثر أهمية هو تدريب الأشخاص الذين يصممون ويستخدمون هذه الوسائل. وقد شددت المادة 9 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة [1] على أهمية توفير التدريب لأصحاب المصلحة بشأن قضايا إمكانية النفاذ التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال تصميم وتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
بدأت إمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في اكتساب الاهتمام في المجالات البحثية والأكاديمية منذ منتصف التسعينيات عندما بدأ استخدام الإنترنت في الظهور على الساحة العالمية. وفي ذلك الوقت جاءت التطورات الأولية للمبادئ التوجيهية المتعلقة بإمكانية النفاذ إلى الويب كنتيجة لجهود الحقوق المدنية للأمريكيين ذوي الإعاقة والعمل المستمر على إمكانية النفاذ إلى الاتصالات السلكية واللاسلكية والاهتمام المتزايد باستخدام الويب كمصدر رئيسي للمعلومات الحديثة [ 2]. وبحلول نهاية التسعينيات، أصدرت مبادرة النفاذ إلى الويب (WAI) من رابطة الشبكة العالمية (W3C) الإصدار الأول الشهير من مبادئ النفاذ إلى محتوى الويب (WCAG) 1.0 [3]. وتبع ذلك عدد من الحكومات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا للنظر في إمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أنظمة تشريعاتها إما عن طريق تنفيذ المبادئ التوجيهية الخاصة بها أو عن طريق تكييف المبادئ التوجيهية لرابطة الشبكة العالمية. واستمر هذا الاهتمام في الازدياد مع اندماج التكنولوجيا بشكل متزايد في حياتنا اليومية. وفي عام 2008، ظهرت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأصبحت القوة الدافعة وراء العديد من مبادرات النفاذ بما في ذلك مبادرات التدريس والبحث في الأوساط الأكاديمية المتبعة اليوم.
وقد أطلقت اليوم العديد من المعاهد البحثية والأكاديمية حول العالم دورات ومجموعات بحثية ومراكز تركز على إمكانية النفاذ والتكنولوجيا المساعدة التي تمهد الطريق لمجتمعات أكثر شمولاً. وفي هذا المقال، أناقش بناء القدرات البحثية المتعلقة بإمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دولة قطر، مع شرح تفصيلي لرحلتنا في جامعة حمد بن خليفة والتعاون مع مركز مدى كدراسة حالة. وقد تم تنظيم هذه المقالة على النحو التالي؛ يناقش القسم 2 خلفية ممارسة وبحوث إمكانية النفاذ في دولة قطر، ويوضح القسم 3 بالتفصيل كيفية دمج إمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المقررات الدراسية لجامعة حمد بن خليفة، بينما تتم مناقشة خبرات التدريب البحثي في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في القسم 4.
خلفية
كانت دولة قطر من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مايو 2008 ، وفي أبريل 2015 ، تبنت الدولة قانونًا بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة يغطي جميع الحقوق الواردة في الاتفاقية. وفي إطار جهودها لاعتماد هذه الاتفاقية، أصدرت قطر في عام 2011 السياسة الوطنية للنفاذ الرقمي [4]، والتي تهدف إلى رفع مستوى إمكانية النفاذ عبر جميع المنصات الرقمية. وقبل ذلك، في عام 2009، أنشأ المجلس الأعلى لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مركز مدى (مركز قطر للتكنولوجيا المساعدة)، وهو مؤسسة غير ربحية مكرسة لربط الأشخاص ذوي الإعاقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إن مركز مدى اليوم هو مركز التميز العالمي في النفاذ الرقمي باللغة العربية. ويتأثر عمل مركز مدى بإيمانه الأساسي بأن الأشخاص ذوي الإعاقة يشكلون جزءًا لا يتجزأ من المجتمع وأنه إذا تم تجهيزهم بالوسائل المناسبة فسوف يلعبون دورًا حيويًا في نمو الاقتصاد القطري. ولتحقيق هذا الأمر، قام مركز مدى ببناء عدد من الشراكات الإستراتيجية مع جهات مختلفة في قطر والعالم. حيث يعمل المركز من خلال هذه الشراكات على تمكين قطاعات التعليم والثقافة والمجتمع من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق مجتمع شامل. كما يدعم مركز مدى المبادرات التكنولوجية في البحث والتدريب والابتكار من خلال برامجه المتنوعة. وتعمل مجموعتنا البحثية بشكل وثيق مع مركز مدى في عدد من المبادرات.
قامت قطر على مدى العقدين الماضيين ببناء أسس صلبة في التعليم ولعبت دورًا رائدًا في البحث العلمي في جميع أنحاء المنطقة، حيث طورت عددًا من المرافق والمؤسسات ذات المستوى العالمي بما في ذلك الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي وهو أول مؤسسة وطنية تمول البحوث في إطار تنافسي في الشرق الأوسط وقطر، والعديد من المستشفيات البحثية بما في ذلك مؤسسة حمد الطبية ومركز السدرة الطبي وكذلك قطر بيوبنك للبحوث الطبية وبرنامج قطر جينوم. ويوجد في قطر أيضًا فروع لمجموعة مختارة من الجامعات العالمية الكبرى، في حين تم تصنيف جامعة قطر من بين أفضل خمس جامعات في العالم العربي. وقد زادت دولة قطر في الوقت نفسه من عدد الفرص المحلية المتاحة للحصول على درجات الدراسات العليا من خلال إطلاق برامج الماجستير وبرامج التطوير المهني المستمر في جامعة حمد بن خليفة (HBKU).
في عام 2018، تم إنشاء مجلس قطر للبحث والتطوير والابتكار (QRDI). وكانت هذه خطوة كبيرة إلى الأمام لجدول أعمال البحث والتطوير والابتكار (RDI) في قطر [5]. وكان أول شيء يتعين على المجلس القيام به هو التوصل إلى استراتيجية وطنية من شأنها أن تحقق أقصى استفادة من أنشطة البحث والتطوير والابتكار وتساعد الدولة على تحقيق أهدافها وتطلعاتها العامة. وفي نهاية عام 2019، أطلق المجلس استراتيجية قطر للبحث والتطوير والابتكار 2030. ويعتبر بناء القدرات جوهر هذه الاستراتيجية لتطوير مجتمع مزدهر قائم على المعرفة.
يقع مقر مجموعتنا البحثية في جامعة حمد بن خليفة وهي عضو في مؤسسة قطر. وقد تأسست جامعة حمد بن خليفة في عام 2010 كجامعة بحثية بحتة تعمل كمحفز للتغيير في قطر والمنطقة وإحداث تأثير عالمي. ونحن في مجموعتنا البحثية التي تأسست عام 2016 في جامعة حمد بن خليفة، نعتقد أن كل واحد منا يجب أن يلعب دورًا نشطًا في دعم النفاذ إلى التكنولوجيا واستخدامها. ويعد تصميم الوسائل التكنولوجية التي تناسب القدرات والأعمار المختلفة أمرًا بالغ الأهمية في السماح للأفراد بتحقيق تفاعل سلس وغير منقوص في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. إن الهدف هو أن يصل هذا التفاعل إلى مستويات الأداء المثلى. كما تهتم مجموعتنا البحثية بمعالجة مسألة تصميم تجربة مستخدم شاملة وضمان إمكانية النفاذ لإنشاء مجتمع أكثر شمولاً في قطر والعالم. ولذلك تقوم المجموعة بإجراء تجارب وتصميم تقنيات محورها الإنسان تكون قابلة للاستخدام في سياقات مختلفة بما في ذلك التعليم والصحة. ولتحقيق ذلك، نتعاون مع المراكز ذات الشهرة العالمية والخبراء في هذا المجال ونتعامل مع المستخدمين ذوي الإعاقة لفهم احتياجاتهم وتصميم التقنيات التي تركز على الإنسان من خلال الاستفادة من التطورات التكنولوجية الحديثة والذكاء الاصطناعي وتدريب الجيل القادم من الباحثين المهرة.
يشار إلى بناء القدرات البحثية على أنها “عملية تطوير قدرات ومهارات مستدامة تمكن الأفراد والمنظمات من إجراء بحوث عالية الجودة” [6]. وتركز العديد من المؤسسات البحثية على بناء القدرات كأحد أهم ركائزها وأدواتها لتحقيق التنمية والاستمرارية. كما يعتبر بناء القدرات واحداً من الركائزالأربعة الأساسية للخطة الإستراتيجية لجامعة حمد بن خليفة 2016-2026 [7]. في حين تشير رسالة مركز مدى إلى أنه يهدف إلى إطلاق الإمكانات الكامنة لدى جميع الأشخاص ذوي القيود الوظيفية (الأشخاص ذوي الإعاقة والمتقدمين في السن) من خلال بناء القدرات ودعم تطوير المنصات الرقمية القابلة للنفاذ [8].
التدريب
إن الهدف من بناء القدرات البحثية هو تعزيز القوى العاملة الحالية بالمهارات التي من شأنها توسيع فهمهم [6]. ومن خلال هذا الأمر يصبحون قادرين على المساهمة في تطوير بحوث عالية الجودة تقوم بتحسين فهم الآخرين لمجالهم وتقنع جهات التمويل بدعمهم وتجعل من الممارسة القائمة على الأدلة ممكنة. هذا بالإضافة إلى تعزيز الممارسات الجارية حاليا.
يتضمن هذا التدريب تقديم مقرر حول إمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ضمن مقررات بكالوريوس برمجة الكمبيوتر والهندسة، وتضمين إمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصميم العالمي والتصميم الشامل الأساسي في مقرر اختياري للتفاعل بين الإنسان والحاسوب يقدم لطلبة الماجستير والدكتوراه في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، وإشراك الطلاب الباحثين في منح بحثية نشطة تتعلق بإمكانية النفاذ والإدماج الرقمي والتكنولوجيا المساعدة. وفي مجال إمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تم استخدام إطار عمل مدى لتنمية الكفاءات في مجال نفاذية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصميم الشامل[9] لتصميم وإعداد مخطط هذا المقرر. ويركز المقرر على تعزيز قدرات الطالب في مجال النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما يقدم مراجعة شاملة من خلال تغطية مواضيع متنوعة تعمل على تطوير المهارات اللازمة لتطوير ومراجعة وتقييم المنصات الرقمية القابلة للنفاذ وفقًا لأفضل الممارسات الدولية ومعايير النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وعند الانتهاء من هذا المقرر، سيكون الطلاب قادرين على فهم تعريف وأهمية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطوير مواقع الويب وتطبيقات الهاتف المحمول القابلة للنفاذ بما في ذلك إنشاء محتوى رقمي قابل للنفاذ مثل الوسائط المتعددة وتقييم مستوى إمكانية النفاذ إلى المنصات الرقمية، مثل مواقع الويب وتطبيقات الهاتف المحمول والأكشاك الإلكترونية، وتحديد مجالات استخدام التكنولوجيا المساعدة، وتطبيق مبادئ التصميم الشاملة في تطوير تكنولوجيا تركز على المستخدم. ويحصل الطالب خلال المقررعلى فرصة زيارة مركز مدى ومختبر الابتكار التابع له والتفاعل مع فريق العمل هناك ومعرفة المزيد عن الأعمال الجارية في مدى. كما يشرك المقرر أيضًا الطلاب الذين يعملون على مشاريع مبتكرة تعالج مشاكل النفاذ الملحة. وقد أظهر الطلاب اندفاعاً واهتماماً حقيقياً بهذا الموضوع حيث أعرب عدد منهم عن اهتمامهم بالمشاركة في الأبحاث الجارية حول إمكانية النفاذ في جامعة حمد بن خليفة ومدى.
وبهدف بناء القدرات على مستوى البحث أقدم لطلابي فصلًا دراسيًا حول إمكانية النفاذ والتصميم الشامل بالتعاون مع مركز مدى كجزء من مقرر التصميم التفاعلي للرعاية الصحية. وفي هذا الفصل، يحضر الطلاب الذين يسجلون في المقرر ورشة عمل حول إمكانية النفاذ الرقمي في مدى – مركز قطر للتكنولوجيا المساعدة. وقد عززت هذه الورشة في مدى تجربة التعلم للمشاركين ووفرت لهم فرصًا للتفاعل مع التطبيقات والتقنيات الواقعية. كما أكدت الورشة التي عقدت تحت عنوان “مقدمة في النفاذ الرقمي” على أهمية الشمولية وإمكانية النفاذ في الابتكارات التكنولوجية الحديثة.
الخبرة البحثية
يعد توفير الخبرة البحثية جزءًا أساسيًا من بناء القدرات في بيئة الجامعة. وجامعة حمد بن خليفة هي جامعة بحثية مكثفة حيث أن معظم برامجها هي على مستوى الدراسات العليا. وبالتالي، يتم إعطاء التدريب البحثي الأولوية القصوى. ونحن نعمل في مجموعتنا البحثية في جامعة حمد بن خليفة على عدد من المشاريع المتعلقة بإمكانية النفاذ والتصميم الشامل بالتعاون مع مركز مدى. كما أن لدينا عدد من الشراكات مع المراكز المحلية في قطر مثل مركز الشفلح للأشخاص ذوي الإعاقة ومركز تمكين ورعاية كبار السن (إحسان) ومركز خطوة بخطوة للاحتياجات التعليمية الخاصة، ومركز iSpeak لإعادة التأهيل. ولدينا أيضاً عدد من علاقات التعاون الدولي مع المعاهد البحثية والمنظمات غير الحكومية حول العمل مثل جامعة تكساس إيه آند إم وجامعة بريستول وجامعة أوتاوا ومؤسسة التوحد يتكلم والجمعية الوطنية للتوحد في المملكة المتحدة ومنظمة Age-Well في كندا. ويتم تمويل معظم المشاريع البحثية التي نعمل عليها حاليًا من قبل الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي ومركز مدى وكلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة وصندوق الابتكار بجامعة حمد بن خليفة. ويتم تعيين طلبة الماجستير والدكتوراه ومساعدي البحوث وزملاء ما بعد الدكتوراه في المشاريع للعمل جنبًا إلى جنب مع الباحثين الرئيسيين من كل من مركز مدى وجامعة حمد بن خليفة. ويتم إشراك جميع هؤلاء في مراحل مختلفة من البحث من الأفكار إلى جمع البيانات وتحليلها ونشرها.
وقد تخرج اثنان من طلاب الدكتوراه وثلاثة من طلاب الماجستير الذين يعملون في المجالات المتعلقة بالتصميم الشامل وإمكانية النفاذ من الفريق حتى الآن.و لدينا حاليًا 12 عضوًا في فريق البحث في مجموعتنا يعملون على عدد من المنح البحثية النشطة التي تركز على تصميم التكنولوجيا للمتقدمين في السن والأطفال من ذوي التوحد والإدماج. وينشر الفريق عمله بنشاط في مواقع البحث ذات السمعة الطيبة والمجلات رفيعة المستوى في مجال إمكانية النفاذ والتفاعل بين الإنسان والحاسوب. كما حصل الفريق على عدد من براءات الاختراع ويبحث في فرصة نقل التكنولوجيا لتغذية النظام البيئي للابتكار في قطر والعالم.
عند النظر إلى عملي البحثي، أصبح من الواضح أنني قد ركزت على دعم تصميم التكنولوجيا الشاملة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد (ASD). وسنذكر عدداً من الأسباب لمتابعة هذا الاتجاه البحثي. أولاً، لقد زاد معدل الإصابة باضطراب طيف التوحد بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية كما أفاد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). ولا تقتصر الزيادة في عدد الأطفال المصابين بالتوحد على الولايات المتحدة الأمريكية، بل هي اتجاه عالمي، بما في ذلك في قطر. حيث وجدت دراسة حديثة أجراها معهد قطر لبحوث الطب الحيوي (QBRI) أن واحدًا من كل 56 فتى وواحدة من كل 230 فتاة قد تم تشخيصهم بالتوحد في قطر.
تُظهر تجربة العائلات التي لديها أطفال مصابين بالتوحد أن الأطفال يحتاجون إلى قدر كبير من الدعم من الوالدين والأشقاء والأقارب والأصدقاء. وفي بعض الأحيان يمتد الدعم الذي يحتاجه الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد من فترة الطفولة إلى البلوغ، وهو عادة ما يكون أمراً مرهقاً وصعبًا نفسيًا. وبالتالي، فإن إحدى ركائز رؤية قطر لعام 2030 هي تلبية احتياجات الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة فيما يتعلق بحقوق التنمية. وتؤكد هذه الرؤية على المادة 24 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تقر بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم والفرص دون تمييز. وقد شكلت الإعاقات الذهنية مثل التوحد أهم نسبة من الإعاقات على مدى العقد الماضي في قطر. ولدي ضمن مجال هذه الركيزة أربعة مشاريع نشطة. وحصل البحث في هذه الركيزة على العديد من المنح للمشاريع التي أتولى فيها مهمة الباحث الرئيسي. وهذه المنح هي: 1- تطويرالفكرة من مركز حمد بن خليفة للابتكار، 2- الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي QNRF NPRP13S-0108-200027 ، 3- الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي QNRF PDRA6-0611-20012 ، 4- الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي QNRF RRC-3-010، 5- الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي NPRP10-0208-170408. كما تلقيت تمويلاً نقدياً من مركز مدى للتكنولوجيا المساعدة ومركز الشفلح.
يتميز الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد بنقص الانتباه ويظهرون طيفاً متنوعاً من سلوكيات الانتباه بسبب عدم التجانس في هذا الطيف. وتنص الحالة الحديثة الحالية على أن تقييم سلوكيات المشاركة والتفاعل في اضطراب طيف التوحد يحدث من خلال طرق ذاتية تتطلب عامًا طويلًا من الخبرة [10]. وتُظهر مراجعتنا السابقة [11] أن الباحثين غالبًا ما يركزون على كيفية تحسين الابتكارات التكنولوجية لمستوى تفاعل الأطفال المصابين بالتوحد. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه التكنولوجيا لتقييم هذا التفاعل لا يزال في مراحله الأولى. وتعتمد الطريقة المطبقة بشكل شائع على التقييم الذاتي الذي يتطلب خبرة عالية ويستغرق وقتًا طويلاً. وقد استكشفت دراسات قليلة التقييم الموضوعي لمستويات التفاعل أثناء التعلم من خلال استخدام تقنيات الاستشعار الحالية للأفراد الذين يتطورون بشكل تقليدي في هذا المجال. وتستند تقييمات التفاعل القليلة التي تم إجراؤها حتى الآن إلى تقييم مستوى الانتباه العام وهو ما لا يناسب الأطفال المصابين بالتوحد بسبب عدم تجانسهم. ومن هنا فقد طبقت مجموعتنا تقييم التفاعل الذاتي الذي يلتقط الانتباه البصري والسمعي والاجتماعي للأطفال من ذوي التوحد أثناء التعلم.
لقد استكشفت دراستنا تأثير المحفزات المرئية الاجتماعية وغير الاجتماعية على انتباه الأطفال من ذوي التوحد وتطور الأطفال (TD) الذين يتطورون بشكل تقليدي عادةً في فصل دراسي افتراضي محاكى [12] [13]. وباستخدام كاميرا الويب وتكنولوجيا تتبع العين شارك ستة وأربعون مشاركًا (20 من ذوي التوحد و 26 من الأطفال الذين يتطورون بشكل تقليدي) في سلسلة من اختبارات الانتباه، حيث تم استخدام المنبهات البصرية الاجتماعية وغير الاجتماعية كمحفزات مستهدفة [14] [15] . وقمنا باقتراح نموذج التعرف على الانتباه بالتركيز على الوجه باستخدام طريقتين [16]. كما أظهرنا أن تحويل السمات الهندسية [17] باستخدام خوارزمية آلة المتجهات الداعمة (SVM) يتفوق في الأداء على نهج الشبكات العصبية التلافيفية (CNN) مع التأكيد على أن ميزات الانتباه أكثر قابلية للتعميم في مجموعة الأطفال الذين يتطورون بشكل تقليدي.
تُظهردراستنا الأخيرة حول تكنولوجيا الواقع المعزز (AR) [18] أن الباحثين استهدفوا العديد من المهارات المتعلقة بالتوحد في الدراسات. ومع ذلك، لا يزال تدريس المفردات أو اللغة مجالاً غير مكتشف على الرغم من أهميته في المجال الأكاديمي. ومن خلال العمل عن كثب مع أصحاب المصلحة المحليين (الآباء وأطفالهم والمعلمين والمراكز)، أجرينا دراسة نوعية مفصلة للتأكد من احتياجاتهم وفهمها [19]. ونتيجة لذلك، تم تطوير تطبيق AR باستخدام المتطلبات التي تم جمعها في الفصل وفي المنزل. ومن ثم تم تقييم التطبيق باستخدام نهج تشاركي [20]. ومن خلال التعليقات التي تلقيناها من جلساتنا مع المعلمين، قمنا بدمج مفهوم الحقيقة المختلطة في التطبيق. ويمكن للأطفال من ذوي التوحد الاستفادة من التطبيق من خلال التواصل المنتظم مع معلميهم وأداء مجموعة من المهام داخل بيئة التطبيق. وبالرغم من ذلك فإنه في حالة عدم وجود مدرس فإن الصورة الرمزية الناطقة ثلاثية الأبعاد التي تشبه الإنسان ستدعم الطفل والوالدين في بيئة افتراضية. لا توجد على حد علمنا منصة تعليمية تلبي احتياجات الأطفال من ذوي التوحد. وتسمح هذه المنصة للآباء والمعلمين بمشاهدة أداء الطفل، ويمكن للمدرسين إنشاء خطط الدروس وفقًا لاحتياجات الطفل. وسوف يفيد تطبيق AR الأطفال من ذوي التوحد لأنه سيسمح لهم بأن يصبحوا أفرادًا مستقلين ويعيشون حياة أفضل. وسيكون التطبيق متاحًا على متجر تطبيقات Apple ، باسم MARVoc ، ويتم استخدامه الآن في مركز الشفلح وهو مركز يقدم الدعم التعليمي للأطفال من ذوي الإعاقات الذهنية والإعاقات العقلية المرتبطة بالإعاقة الحركية وطيف التوحد.
أما في مجال النفاذ إلى الويب للمكفوفين، فقد بحثنا في طرق إنشاء نظرة عامة على نتائج بحث الويب [21] [22]. وقمنا بتعديل هذه الأساليب المختلفة في محرك بحث أطلقنا عليه اسم InteractSE الذي يستخدم تحليل المفهوم ذو الأساس الرياضي (FCA) لتوليد نظرة عامة على نتائج البحث. وقد تم تقييم InteractSE مع 16 مستخدمًا [23] وخمسة خبراء في مجال تفاعل الإنسان والحاسوب (HCI) [24] ، مما يُظهر تحسنًا كبيرًا في كفاءة البحث وتجربة المستخدم الفردي لمستخدمي وكيل الويب VI.كما يواصل الفريق العمل على المشاريع البحثية المتعلقة بإمكانية النفاذ والبحث عن العلماء الطموحين للانضمام إلى هذه الرحلة. وتهدف خطتنا البحثية المستقبلية إلى تعزيز وتطوير فريق بحث محلي في مجال إمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
الخاتمة
يمكن تخطيط بناء القدرات البحثية على ثلاثة مستويات مختلفة في نفس الوقت، بما في ذلك التدريب التأسيسي حول موضوع إمكانية النفاذ والمقدمة الأولية للبحث في هذا المجال (مثل فهم كيفية البحث عن الأدلة البحثية وتقييمها وتطبيقها بوعي لإغناء الممارسة العملية)، والمشاركة النشطة واكتساب الخبرة البحثية (مثل المساعدة في تصميم البحوث والمشاركة في جمع البيانات وتحليلها)، وأخيرًا قيادة المنح البحثية في هذا المجال. لقد قطع التعاون بين مركز مدى وجامعة حمد بن خليفة شوطًا طويلاً في عدد من المشاريع الجارية والمقررات التي يتم تدريسها على المستويين الجامعي والدراسات العليا. ونأمل أن يتم مشاركة ثمار هذا التعاون مع المعاهد في جميع أنحاء المنطقة للعمل على بناء أساس قوي لإمكانية النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مستوى البحث والممارسة العملية.