تعزيز تقبل التكنولوجيا: تجربة المستخدم في مجال خدمات الحكومة الإلكترونية للوصول إلى التحول الرقمي
ورقة علمية وصول مفتوح |
متاح بتاريخ:27 أبريل, 2025 |
آخر تعديل:27 أبريل, 2025
الملخص:
تتعاون قطر وسنغافورة في مجالات التحول الرقمي والابتكار ومبادرات الإدارة العامة. وعلى الرغم من تقدم كلا البلدين في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلا أن التحديات في مجال تبني التكنولوجيا تختلف لكل منهما. وتبحث هذه الدراسة في تأثير تجربة المستخدم في مواقع الحكومة الإلكترونية الرئيسية على تقبل التكنولوجيا ونضج التحول الرقمي في كلا البلدين. ومن خلال توضيح العوامل الرئيسية التي تمكن تجربة المستخدم فإن سنغافورة أكثر تقدمًا من حيث تقبل التكنولوجيا مما يؤدي إلى نضج التحول الرقمي مقارنة بقطر التي تستمر في مواجهة التحديات حتى مع الجهود المبذولة في هذا المجال. وتركز الدراسة على فهم سلوك المستخدم تجاه التكنولوجيا باستخدام نموذج النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT). وقد تم إجراء التحليل المقارن لـبوابة حكومي في قطر و”Developer” في سنغافورة باستخدام أدوات مؤتمتة وتقارير يدوية من مجموعات بيانات الأمم المتحدة والبنك الدولي. وتظهر النتائج أن كلتا المنصتين تسلطان الضوء بشكل مماثل على دور الأداء وتوقعات الجهد والظروف الميسرة مثل النطاق العريض للإنترنت في توجيه سلوك المستخدمين تجاه التكنولوجيا الأمر الذي يؤثر على التحول الرقمي، ولكن التأثير الاجتماعي في هذا السياق لم يكن واضحًا على الرغم من أن كلاهما يعطيان الأولوية لرضا المواطنين. وتتقدم قطر على سنغافورة في مجال إمكانية النفاذ والاستثمار في خدمات الصحة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني لكنها تواجه عقبات في منصة الخدمات الإلكترونية الموحدة وتبني التكنولوجيا وتجزئة البيانات. وقد أظهرت سنغافورة أن أفضل الممارسات لديها هي منصة فعالة “شاملة” ومركز أبحاث يركز على المستخدم وتكامل البيانات والخدمات المالية الإلكترونية مع تجربة عملاء متميزة. ويساهم هذا البحث في إثبات أن عوامل النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) تؤثر على قيمة تجربة المستخدم في مجال خدمات الحكومة الإلكترونية التي تدفع نحو تبني التكنولوجيا. وتوصي الدراسة بأن يقوم صناع السياسات والقرار في قطر بإنشاء خدمات إلكترونية متكاملة ببيانات دقيقة وإنشاء مركز أبحاث لمعالجة تحديات المستخدمين من خلال المشاركة الإلكترونية والتركيز على محو الأمية الرقمية لتعزيز التحول الرقمي. في حين يجب على سنغافورة تعزيز إمكانية النفاذ باعتبارها تشكل امتثالاً للمعايير. ويجب على كلا البلدين تعزيز اختبار تجربة المستخدم من خلال إشراك مستخدمين متنوعين بما في ذلك ذوي الإعاقة وأدوات الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي. وتقدم هذه الدراسة الإرشادات للممارسين والباحثين والمؤسسات للاستفادة من رؤية تجربة المستخدم للتعاون وإقامة شراكات عملية وأبحاث مستقبلية لتجاوز القيود الموجودة الأمر الذي يثبت أهمية تجربة المستخدم في نجاح رحلة التحول الرقمي.
الكلمات الرئيسية:
التحول الرقمي؛ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ تجربة المستخدم؛ تجربة المواطن؛ تجربة العملاء؛ خدمات الحكومة الإلكترونية؛ تقبل التكنولوجيا؛ قطر؛ سنغافورة.
المقدمة
قِلة من البلدان تعطي الأولوية للخدمات التي تركز على المواطن والقابلة للنفاذ إضافة إلى مشاركة محدودة للمواطنين في تصميم البوابات. ويوفر حوالي 40% فقط من هذه البلدان ميزات إمكانية النفاذ للمستخدمين من ذوي الإعاقة مما يظهر فجوة واضحة حتى في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع (GovTech Maturity Index, 2022). وقد أنشأ البنك الدولي في عام 2019 شراكة التكنولوجيا الحكومية العالمية (GTGP) لتعزيز التحول الرقمي والحلول التي تركز على المواطن وإشراك الحكومات والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والجهات الفاعلة في التنمية (Govtech Global Partnership, 2022). ومع ذلك فإن الفجوة الرقمية آخذة في الاتساع مع زيادة مؤشر نضج التكنولوجيا العالمية (GTMI) من 0.519 إلى 0.552 في عام 2022، مما يعكس التقدم في تقديم الخدمات عبر الإنترنت عبر منصات مشتركة (GovTech Maturity Index, 2022). كما تعد الجهود الإدارية لتعزيز جودة الخدمة الإلكترونية وخاصة للجيل (Z) ضرورية في هذا السياق (2024Agritika et al.).
وعلى الرغم من توفر البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فإن فشل المشاريع التكنولوجية يستلزم فحص النقاط التي تسبب المعاناة للمستخدم أثناء استخدام الخدمات الإلكترونية وتبني منظور يركز على المستخدم من خلال إشراك المستخدمين في التحسينات عند بدء أو تجديد الخدمات لتحقيق تجربة مستخدم أفضل وتلبية احتياجات أصحاب المصلحة (Chatzidakis, 2022; Usability Evaluation, 2023). وكما ذكر ستيف جوبز فإنه “عليك أن تبدأ بتجربة العميل ثم تتجه نحو التكنولوجيا وليس العكس” مما يؤكد أهمية تجربة المستخدم (Guide User Experience, 2023). وقد تقدمت آسيا الوسطى وأوروبا من حيث نضج التكنولوجيا الحكومية ولكن ما يزال تقديم الخدمات وإشراك المواطنين في الشرق الأوسط يواجهان تحديات على الرغم من التقدم الحاصل (GovTech Maturity Index, 2022).
وغالبًا ما يتجنب المواطنون زيارة المواقع الحكومية بسبب الواجهات القديمة (Researchers, 2022). ومع ذلك فقد زاد الضغط على الحكومات في هذا السياق خلال جائحة كوفيد-19. وقد نشأ هذا الموقف لأن بعض الوكالات الحكومية تفتقر إلى المنافسة والتحقق في مجال التحول الرقمي وفرق الصيانة. وبالتالي فإن الأشخاص يزورون هذه المواقع فقط لأداء لمهام أو الحصول على المعلومات. وقد لحظت اللجنة الوطنية للتحول الرقمي (2022) انخفاض عمليات إنشاء ملفات تعريف المستخدمين على بوابات الخدمات الإلكترونية الوطنية (ESP) في سياق مؤشر أداء الحوكمة والإدارة العامة الإقليمية (PAPI) مما يشير إلى وجود تحديات في مجال واجهات خدمة الحكومة الإلكترونية غير الصديقة للمستخدم (Enhancing User-Friendliness, 2023). وتعد معالجة الفجوة الرقمية والقيود المفروضة على الخدمات الإلكترونية أموراً بالغة الأهمية إلى جانب مراقبة الاستخدام وليس فقط التقييم لتعزيز الشفافية وإشراك المواطنين وتحقيق المرونة من خلال التحول الرقمي في قطاع الوكالات العامة (GovTech Maturity Index, 2022). وقد اضطرت المجتمعات نتيجة لتفشي كوفيد-19 إلى التكيف مع العصر الرقمي من خلال إقرار السياسات التي تدعم هذا الاتجاه (Park et al., 2022).
لقد افترضنا في بحثنا هذا أن سهولة استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية تؤثر بشكل إيجابي على مواقف الناس وسلوكيات الاستخدام من حيث تقبل التكنولوجيا وهو الأمر الذي يعزز من نضج التكنولوجيا الرقمية. وتتجاهل الدراسات حول مستوى القبول لخدمات الحكومة الإلكترونية جهود الحكومة لتعزيز تجربة المستخدم من خلال الخدمات الرقمية (Kumar et al., 2017). وتتفوق سنغافورة على قطر في مجال استخدام إطار عمل النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTUAT) لاختبار الفرضيات واستكشاف كيفية تأثير بساطة الخدمة الإلكترونية على تقبل المواطنين للتكنولوجيا والمساهمة في نضج التكنولوجيا الرقمية. ومن خلال تحليل مختلف المنصات بواسطة أدوات مؤتمتة وبيانات ثانوية من تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي نقوم بتقييم تأثير واجهات المستخدم المعقدة على قبول تجربة المستخدم والتكنولوجيا في المنصات الإلكترونية في قطر وسنغافورة. ويتم استخدام أهمية مقاييس تحليلات الويب لفهم المحتوى الحالي ودوافع واحتياجات المستخدم على الرغم من أننا لا نستطيع فهم الأسباب وراء هذه الإجراءات (Dumas & Loring, 2008). ويساعد تحليل المواقع الحكومية من منظور المستخدم على سد الفجوات بين النظرية والتطبيق وتحديد مستوى نضج الخدمة الرقمية ومشاركة المواطنين واستخلاص الدروس وتحديد التحديات وخلق قيمة للإدارة العامة من خلال تحليل تجربة المستخدم عبر مختلف السياقات.
ستستعرض هذه الورقة أولاً الأدبيات ذات الصلة وتستكشف الإطار المفاهيمي والنظري التحول الرقمي والحكومة الإلكترونية وتجربة المستخدم في الخدمات الإلكترونية. وسنقوم بفحص العلاقة بين سلوكيات قبول المستخدم واستخدام التكنولوجيا باستخدام إطار النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT). كما سنتفحص الحالة الحالية لمبادرات (GovTech) والمؤشرات العالمية في قطر وسنغافورة من خلال تحليل مقارن. ثم سيوضح قسم المنهجية كيفية جمع البيانات والمصادر المستخدمة للتحليل وتوليد النتائج. وسنسلط الضوء أيضاً على القيود والمساهمات في دراستنا. لنقوم بعدها بتحليل منصات الحكومة الإلكترونية في قطر “حكومي” و”Developer” في سنغافورة. وتُظهر سنغافورة أداءً متفوقًا والتزاماً بأفضل الممارسات والامتثال للمعايير وتكامل البيانات بينما تتفوق قطر في مجال إمكانية النفاذ على الرغم من البيانات المجزأة. وتؤثر الاختلافات من حيث مشاركة المواطنين ومفهوم البساطة والمعدلات الديموغرافية على تقبل التكنولوجيا ونضج الخدمات الإلكترونية. كما يعد فهم التطورات والعقبات في كلا البلدين وتأثيرها على التحول الرقمي أمراً بالغ الأهمية. ثم ستتطرق هذه الورقة لمناقشة المساهمات والقيود النظرية والعملية. وأخيرًا يقدم هذا التقرير توصيات ورؤى للمساعدة في ضمان نجاح رحلة التحول الرقمي للمستخدمين وهو ما يمثل أولوية قصوى للمنظمات الحكومية وصناع السياسات والمطورين والباحثين في المستقبل.
خلفية
الإطار المفاهيمي والنظري
التحول الرقمي والحكومة الإلكترونية وتجربة المستخدم
لا يقتصر التحول الرقمي على تنفيذ مشاريع التكنولوجيا فحسب بل يتضمن دمج التكنولوجيا عبر التغيرات التنظيمية والمؤسسية مدفوعة بأهداف العمل واحتياجات العملاء بشكل استراتيجي (Bloomberg, 2018). وقد أعطى المشاركون الأولوية للنتائج القائمة على البيانات والتي تركز على العملاء لتحقيق نتائج ذات مغزى (Cohen & Neubert, 2019). وبينما يركز التحول الرقمي على المستخدم فإن التكنولوجيا هي محور الرقمنة وعمليات التكنولوجيا الرقمية. حيث يتم التعامل مع المعلومات من خلال الرقمنة وتتم إدارة العمليات من خلال عمليات التكنولوجيا الرقمية ويتم توجيه استراتيجية المنظمة بالكامل من خلال التحول الرقمي (Bloomberg, 2018). ولذلك فإن الحكومات تستفيد من مزايا من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين وتوسيع الخدمات عبر مختلف القطاعات بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والاقتصاد من خلال مفهوم جديد ناشئ “الحكومة الإلكترونية” (Kartik et al., 2016).
يشير مصطلح الحكومة الإلكترونية (e-gov) إلى استخدام التكنولوجيا وتطبيقات الإنترنت لتقديم الخدمات للمجتمع (المواطنين والموظفين والكيانات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات ذات الصلة) (Layne & Lee, 2001, p. 123, Svärd, 2017). وقد عرّفت الأمم المتحدة (UN) الحكومة الإلكترونية في البداية على أنها استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتقديم الخدمات الحكومية عبر الإنترنت. ثم يتم تبادل المعلومات لتسهيل الابتكار في الحوكمة من خلال التوسع لتشمل مشاركة المواطنين والشركات والكيانات الحكومية والبيانات المفتوحة (قاعدة بيانات الحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة، 2022). وكما أفاد فانج (Fang 2002) وألديمير وسين (2021 AldemirوŞen) بأن الحكومة الإلكترونية قد طورت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطبيقات الويب لتوفير نفاذ جيد إلى المعلومات والخدمات الحكومية من أجل تحسين جودة الخدمة وتعزيز المشاركة الديمقراطية وخاصة في صنع القرار في الحكومة المحلية. وتهدف مبادرات الحكومة الإلكترونية إلى نشر المعلومات على نطاق واسع من خلال التطبيقات القائمة على الويب للتواصل ثنائي الاتجاه في المجتمع وإحداث التحول في السلوكيات من خلال تنفيذ الخدمات بما يتماشى مع استثناءات المستخدمين (Archmann & Iglesias, 2010; Richard, 1999; Worthy, 2010).
ترتبط تجربة المستخدم (UX) بالجودة الشاملة لتجربة المستخدم (Wechsung & De Moor, 2014). وتقوم قابلية الاستخدام بتقييم ميزات التكنولوجيا أو خدمات الاتصالات لقياس رضا المستخدم عن تلبية احتياجاته (Möller, 2023). وتعرف المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس (ISO 9241-210) تجربة المستخدم على أنها تصور الأفراد قبل أو أثناء أو بعد استخدام خدمة أو نظام ما بما في ذلك التأملات في سلوكياتهم وتفضيلاتهم وراحتهم وعواطفهم إلى جانب تحقيق الأهداف بكفاءة (مقدمة إلى تجربة المستخدم، 2023). ويعتمد تحسين قبول المستخدم للتكنولوجيا على خبرة تصميم التفاعل بين الإنسان والحاسوب (HCI) في استخدام التكنولوجيا (Hassenzahl & Tractinsky, 2006). ويهدف ذلك إلى رفع كفاءة أنظمة المعلومات مع التركيز على المستخدم البشري في سياقات الخدمة الرقمية والتكنولوجيا. وقد أكد (Hassenzahl & Tractinsky, 2006) على أهمية معالجة وتخفيف إحباط المستخدم الذي ينشأ عن تفاعلات الإنسان والآلة لضمان النجاح. ويعد فهم سلوك المستخدم ومستوى إمكانية نفاذ المستخدمين من ذوي القدرات المختلفة إلى التكنولوجيا الجديدة أمر بالغ الأهمية لأنه يسهل تطوير التفاعلات المعززة وتقبل التكنولوجيا (Möller, 2023; Othman et al., 2024).
الحكومة الإلكترونية ومشاركة المواطنين
تقوم 30% فقط من البلدان بنشر إحصاءات حول مشاركة المواطنين مما سبب نقصاً في مشاركة مدخلات المواطنين واستجابات الحكومة لها في صنع السياسات. وعلى الرغم من التقدم في لوائح النفاذ إلى البيانات إلا أن القوانين الحالية وتنفيذها لا يزالا متخلفان عن اللحاق بالركب (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022). وقد أكدت تصنيفات مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية على أهمية التقليل من المخاطر وتعاون الوكالات الحكومية لإنجاح الحكومة الإلكترونية (Escobar et al., 2023; Sangolt & Keitsch, 2016). كما أدت مشاركة المواطنين والحكومة من خلال توفير استراتيجية اتصال متعددة القنوات إلى تحسين تطبيقات الخدمة الذاتية عبر الإنترنت (Madsen & Kræmmergaard, 2016; Nielsen, 2016). وأكد مرزوقي وآخرون (2017) على المنهجيات التي تركز على المواطنين وتعزز تقبل التكنولوجيا والاستقلالية عبر مستويات الحكومة التي تتأثر بسلوكيات ومواقف المستخدمين (Cahlikova, 2017). كما أثر التعليم ومستوى الدخل المرتفع على تبني التكنولوجيا واستخدامها وتقبلها حيث كانا بمثابة مؤشر لاستخدام الخدمات التكنولوجية (Zmud, 1979; Al-Gahtani et al., 2007; Abu-Shanab, 2011).
لقد فشلت مبادرات الحكومة الإلكترونية بسبب إعطاء الأولوية للعمليات بدلاً من احتياجات المواطنين والقيود المالية والسياسية والبنية التحتية (Rammea & Grobbelaar, 2017; Tchao et al., 2017). كما تعمل
الحوكمة غير الفعّالة والمهارات الرقمية غير الكافية وعدم التوافق الاستراتيجي على إعاقة تطور المنظمات (Deist et al., 2022). ويتطلب تحول القطاع العام تعديلات سياسية/قانونية للديناميكيات المتطورة (Akomode et al., 2002). كما يتطلب نجاح الحكومة الإلكترونية إعطاء الأولوية للمواطنين وتوفير الخصوصية/الأمان القوي (Layne & Lee, 2001). وقد أطرت الثقافة التنظيمية نجاح التغيير مما يتطلب التكيف وخاصة في الكيانات الأكبر (Altameem et al., 2006). ويعد تنفيذ الاستراتيجيات من خلال إجراءات محددة أمرًا أساسيًا لتحقيق الفوائد المجتمعية/الاقتصادية (Altameem et al., 2006). كما تؤثر العقليات على نجاح التحول الرقمي (Töytäri et al., 2017). وتختلف طرق تقديم الخدمات الإلكترونية من حيث التأثير على الولاء وسلوك المستهلك ومعدل الرضا (Rowley, 2006). وقد أعطى (Lee and Lin 2005) الأولوية للتجربة العملية لتعزيز الثقة مع المواطنين أو العملاء. حيث يتم تحقيق الرضا عندما تلبي الخدمات عبر الإنترنت احتياجات المستخدمين عبر إعدادات مرنة. وعلى النقيض من ذلك فسيتأثر الولاء والرضا سلبياً بفشل الخدمات الإلكترونية (Wachter, 2002; Zhang & Prybutok, 2005). وهكذا فإن تجارب خدمة الويب والحكومة الإلكترونية تلعب دورًا محوريًا في نجاح المشاريع الحكومية في مجال التحول الرقمي (Rowley, 2004).
تقبل المواطنين للخدمات الإلكترونية
يحسن إدخال واستخدام التكنولوجيا من أداء المنظمات. وقد تفحصت نظريات مختلفة العوامل المؤثرة على تقبل الخدمة الرقمية والمشاركة فيها مما يساعد على تحسين الأداء. وأفادت نماذج قبول التكنولوجيا (TAMs) التي يتم اقتراحها عادةً على المستوى التنظيمي بأن المستخدمين يرون أن الخدمات الرقمية مفيدة لهم وسهلة الاستخدام (Davis, 1985; Park et al., 2022). ومع ذلك فقد انتقد (Venkatesh and Bala, 2008) نموذج قبول التكنولوجيا الموسع 2 (TAM2) (Venkatesh & Davis, 2008).
لقد تم اقتراح النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) للتغلب على قيود نموذج قبول التكنولوجيا الموسع (TAM2A). وتعتبر النظرية الموحدة لقبول واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) نموذجاً مفتاحياً لفهم تقبل المستخدم لتكنولوجيا المعلومات في أي منظمة. حيث يشرح هذا النموذج نوايا المستخدم وسلوكياته فيما يتعلق باستخدام أنظمة المعلومات والخدمات مع التركيز على توقعات الأداء وتوقعات الجهد والتأثير الاجتماعي والظروف التيسيرية وعوامل أخرى مثل العمر والجنس والخبرة وتأثير التحكم الطوعي لأربعة عوامل رئيسية (Venkatesh et al., 2003; UTAUT, 2023). كما يحدد التأثير الاجتماعي والعوامل الخارجية النية لاستخدام التكنولوجيا والموقف منها. ولذلك فقد يتغير تصور المستخدمين بناءً على الجنس والخبرة أو العمر (Venkatesh et al., 2003; – Innovation Acceptance Lab, 2023). إنه نموذج تقييم للعوامل التي تؤطر نيتنا التي تشكل بدورها سلوكنا تجاه استخدام التكنولوجيا.
الشكل 1 النظرية الموحدة لقبول واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) (Venkatesh et al., 2003).
تتكون الخدمات الإلكترونية من مكونات مختلفة يتم تقييمها بشكل فردي من قبل الزوار (Bauer et al., 2005). وتؤثر عوامل مختلفة مثل وقت الاستجابة وسرعة التنزيل والأمان وتنفيذ المعاملات على مدى تقبل العملاء للتكنولوجيا (Chung & Paynter, 2002). كما تختلف خدمات الحكومة الإلكترونية من حيث المستويات حيث تُظهر خدمات المعاملات خصائص مميزة وبالتالي تؤثر على تجربة المستخدم (Gottschalk, 2009). وبالتالي فإن إعادة تقييم خدمات الحكومة الإلكترونية تعد أمراً ضرورياً (Li & Zhao, 2003). وقد ركزت الدراسات السابقة على نجاح عملية الرقمنة وتقبل التكنولوجيا (Matt et al., 2015) ولكنها تجاهلت تجربة المستخدم أثناء استخدامه للخدمات الإلكترونية. ونحن نفترض هنا أن تعقيد خدمات الحكومة الإلكترونية يعيق التقبل الفردي للتكنولوجيا بسبب السلبيات في تجربة المستخدم مما يؤخر نضج التصميم التكنولوجي. إن مجرد التأكيد على التكنولوجيا واستراتيجيات الأعمال غير كافٍ (Hess et al., 2016). حيث يجب أيضاً تعزيز الروابط بين الحكومة والمواطنين من خلال أنظمة رقمية مصممة حسب السياق مما يعزز الاستدامة والقدرة التنافسية (Pittaway & Montazemi, 2020).
تؤكد دراستنا على تحديات تجربة المستخدم في منصات الحكومة الإلكترونية الرئيسية مع تحليل مقارن لقطر وسنغافورة لتحديد آثار هذه التجربة على تقبل التكنولوجيا على رحلة التحول الرقمي. كما أن تقييم فعالية هذه المنصات يتطلب معالجة الفجوات المحتملة بين التوقعات العالية ورضا المستخدم في قطر. ومن خلال استخدام نموذج النظرية الموحدة لقبول واستخدام التكنولوجيا و(UTAUT) ومقارنته بحالة سنغافورة التي تتبع أفضل ممارسات الحكومة الرقمية (البنك الدولي، 2022) يمكننا أن نكتشف رؤى مفيدة حول سلوك التقبل لدى المستخدمين (قبول المستخدم لتكنولوجيا المعلومات، 2003). لقد تم اختيار بلدين بعدد سكان متشابه تقريبًا في عام 2022 (2،695،122؛ 5،637،022) ومعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي (4.83٪، 3.65٪) لقطر وسنغافورة على التوالي (بيانات البنك الدولي المفتوحة، 2022). وقد احتلت قطر وفق مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية (2020) المرتبة العاشرة في غرب آسيا وهي مرتبة تعكس نضج التحول الرقمي (Nielsen & Ali, 2021). في حين تتصدر سنغافورة مجال الحكومة الرقمية (Dener et al., 2021) حيث احتلت المرتبة السابعة في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية في عام 2018 والمرتبة الثانية في مؤشر الخدمات عبر الإنترنت من بين 193 دولة (تصنيف الحكومة الرقمية، 2023). ومع ذلك وفي ظل السياقات الثقافية والاقتصادية والسياسية المتنوعة فإن هذه الدول المتحولة رقميًا توفر دراسات حالة عالمية قيمة حول تجربة المستخدم وعلاقة تقبل التكنولوجيا من خلال مبادرات الحكومة الإلكترونية الراسخة (قطر، سنغافورة، 2022).
مقاييس الحكومة الإلكترونية: مستوى النضج الحالي في قطر وسنغافورة
تسعى الحكومات وخاصة خلال جائحة كوفيد-19 إلى تحسين الخدمات العامة من خلال زيادة العروض الرقمية. وتركز الاتجاهات العالمية على المنهجيات التي تركز على العملاء لتعزيز رضا المواطنين (Government cx summit, 2024). وقد أعطت استراتيجيات الحكومة الإلكترونية في قطر وسنغافورة الأولوية للتحول الرقمي وتقبل التكنولوجيا لتحقيق الرؤى الوطنية (التحول الرقمي في قطر، 2021؛ مخطط الحكومة الرقمية، 2020). وفي حين ركزت قطر على تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإمكانية النفاذ إلى الخدمات الإلكترونية (سياسة تسمو، 2020) فقد أعطت سنغافورة الأولوية للتعاون من أجل تقديم الخدمات العامة بكفاءة (Researchers, 2022). ويقيم مؤشر استخدام تجربة العملاء (CXI) ولاء العملاء من خلال معدل المناصرة والاحتفاظ بهم مدفوعًا بتلبية الاحتياجات وإمكانية النفاذ والمشاركة العاطفية (Gill, 2023). وفي عام 2022 صنف مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة (EGDI) قطر في المرتبة 78 (مرتفع) وسنغافورة في المرتبة 12 (مرتفع جدًا) من بين 193 دولة بما يعكس مبادرات التحول الرقمي الحكومية. ومن بين الدول الآسيوية ذات الدخل المرتفع احتلت قطر المرتبة 12 بينما احتلت سنغافورة المرتبة الثانية (الشكل 2) حيث برزت كفاءة سنغافورة المتفوقة في تقديم الخدمات عبر الإنترنت مقارنة بقطر (مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة، 2022). وتتفوق سنغافورة على قطر إقليميًا وعالميًا بينما جاءت قطر بعد الإمارات العربية المتحدة في منطقة غرب آسيا. كما تتفوق سنغافورة في مؤشر الخدمة عبر الإنترنت مقارنة بقطر حيث سجلت كلتا الدولتين أعلى الدرجات (1) فيما يتعلق بالإطار المؤسسي. كما سجلت قطر أدنى مؤشر للمشاركة الإلكترونية بينما تفتقر سنغافورة إلى توفير المحتوى ولكنها تفوقت في تقديم الخدمات الإلكترونية والمشاركة الإلكترونية (الشكل 3).
الشكل 2: مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية (EGDI) 2022 (الأمم المتحدة، 2022).
وقد سجلت قطر في فحص مؤشر رأس المال البشري (HCI) 93.46 و 70.56 في مجال محو أمية البالغين ونسبة الالتحاق الإجمالية بالتعليم على التوالي. بينما تفوقت سنغافورة بحصولها على 97.48 و 100 لنفس المؤشرات. أما في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) فقد أظهرت سنغافورة وقطر أوجه تشابه في النطاق العريض للهاتف المحمول والخلوي النشط ولكن مع معدلات أقل للنطاق العريض الثابت كما أن لدى قطر عدد كبير من مستخدمي الإنترنت. وعلى الصعيد العالمي وبينما تحفز مشاركة المواطنين بدرجة 0.449 على تعزيز قنوات الاتصال فقد نشرت 30 دولة فقط بياناتها حول أداء تقديم الخدمات في مبادرات التحول الرقمي (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022؛ قطر، 2022؛ سنغافورة، 2022). وقد سجل مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية (GTMI) درجات أداء منصات الحكومات الإلكترونية وتقدم التحول الرقمي (GovTech Dataset, 2023). حيث يقيم هذا المؤشر مدى نضج التكنولوجيا الحكومية ويحدد مجالات التحسين المحتملة (GTMI, 2022).
الشكل 3 مقارنة بين مؤشر التبني الرقمي (DAI) والمؤشرات الفرعية لقطر وسنغافورة 2016 (مؤشر التبني الرقمي، 2016)
يركز مؤشر التبني الرقمي على “جانب العرض” وتوافر الخدمات والبنية الأساسية الرقمية مقارنة بالاستخدام. وتحتل قطر المرتبة 35 على هذا المؤشر بينما تتصدر سنغافورة المرتبة الأولى بين 180 دولة. وعند التعمق في المؤشرات الفرعية لمؤشر التبني الرقمي فإن حكومة سنغافورة تحقق أعلى قيمة لمؤشر التبني الرقمي عند 0.957 بينما تسجل قطر أدنى قيمة عند 0.604 (الشكل 3). ويُظهر كلا البلدين قيم متقاربة للتبني الرقمي الذي يركز على الناس. ويفيد تعزيز التبني الرقمي المجتمع من خلال نمو الأعمال وتحسين الرفاهية وتقديم الخدمات الإلكترونية بكفاءة ومساءلة الحكومة (مؤشر التبني الرقمي، 2016). وتهدف قطر إلى رفع معدل استخدام الخدمات الإلكترونية إلى 80٪ من خلال تعزيز الثقة في المعاملات الآمنة عبر الإنترنت (استراتيجية الحكومة الإلكترونية في قطر 2020). وتتماشى جهود التحول الرقمي مع رؤية قطر 2030 وتبني تكنولوجيا المعلومات بنسبة 50% بحلول عام 2024 والوصول الشامل إلى النطاق العريض/5G (التحول الرقمي في قطر، 2021). كما تعمل بوابة “حكومي” على تبسيط التفاعل بين المواطنين والحكومة (برنامج الحكومة المتكاملة، 2021) ولكن هناك تحديات متنوعة تقف في وجه التبني الرقمي مثل درجة الوعي ومخاطر الأمان (استراتيجية الحكومة الإلكترونية في قطر 2020). وتعمل مبادرة “تسمو” على تعزيز الحلول الذكية من خلال الأطر القانونية وإمكانية النفاذ وتدابير الأمان التي تدعم تطور الحكومة الإلكترونية في قطر (المواقع الحكومية، 2016؛ سياسة تسمو 2020).
وتعطي حكومة سنغافورة الأولوية لاحتياجات أصحاب المصلحة من خلال تعزيز المهارات والتكيف (حكومة سنغافورة، 2021). وتعمل خطة الحكومة الرقمية التي تسارعت بسبب كوفيد-19 على تعزيز مبادرات الأمة الذكية (خطة الحكومة الرقمية، 2020). وقد أثبتت استراتيجيات التجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي الالتزام بتحقيق التقدم (Erh, 2023). كما يعمل التعاون مع القطاع الخاص على تعزيز الخدمات الرقمية لضمان إنجاز تبادلات ومعاملات فعالة. وتظل تجربة المستخدم في هذا السياق بالغة الأهمية مع البحث والتطوير المستمرين لضمان التركيز على المستخدم (crUX, 2018). ومع ذلك فلا تزال التحديات المستمرة في التنقل عبر الموقع الإلكتروني تتطلب استشارة المستخدمين باستمرار (Researchers, 2022).
القيود والمساهمات
تؤكد الدراسات الحديثة على تطوير أدوات التكنولوجيا (Abdullah et al., 2016) وتشمل عوامل نجاح التحول الرقمي مبادرات الحكومة الإلكترونية وتوفر الرؤية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم والشرعنة. ومن جهة أخرى فإن العوامل الفردية مثل إمكانية النفاذ وسهولة الاستخدام تحتاج إلى المزيد من البحث التجريبي خارج الإعدادات التنظيمية (Jeon et al., 2011). وعلى الرغم من توفر البنية التحتية التكنولوجية المتقدمة إلا أن فائدتها لا تزال موضع نقاش (Park et al., 2022). ويعد فهم مدى قابلية تطبيق النتائج السابقة في السياقات التكنولوجية والاجتماعية أمر ضروري. وتكشف مؤشرات قطر وسنغافورة العالمية عن مشكلات فنية في مؤشر تمكين التكنولوجيا الحكومية (GTEI) تتطلب بذل الجهود لتحسين أداء هذا المؤشر.
تعد كلتا الدولتين صغيرتان وتشتركان في أوجه تشابه ولكنهما تفتقران إلى تحليل شامل للتحول الرقمي المتقدم في سنغافورة في الحكومة الإلكترونية في قطر وخاصة من حيث فهم دور تكنولوجيا المعلومات كممكن أو عائق. وهكذا فإن هذا البحث يهدف إلى تحديد العقبات التي تواجه منصة الحكومة الإلكترونية في قطر ونظيرتها الأقل تقدمًا في سنغافورة. ونحن نفترض هنا أن غياب سهولة استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية يؤثر سلبًا على مواقف الناس وسلوكياتهم تجاه تقبل التكنولوجيا. كما نستخدم تحليل منصات الحكومة الرئيسية لكلا البلدين للكشف عن فجوة النضج المحتملة في قطر والتأكيد على أهمية تجربة المستخدم وخاصة المتقدمين في السن أو المستخدمين ذوي الإعاقة. ويحتاج هذا التقييم إلى قياس مدى التقبل خارج الحدود التنظيمية. وتتأثر قرارات المستخدم بشأن تبني التكنولوجيا الجديدة بالفائدة المتوقعة منها وسهولة استخدامها حيث تعزز البساطة المواقف الإيجابية ويعيق التعقيد تقبل التكنولوجيا (نموذج تقبل التكنولوجيا، 2024).
تهدف هذه الدراسة إلى التأكيد على دور تكنولوجيا المعلومات في تعزيز الواجهات سهلة الاستخدام وتعزيز تجربة المستخدم وهو أمر بالغ الأهمية لقبول الخدمة الرقمية ونجاحها. ويساهم بحثنا في إضافة رؤى يمكن أن تعمل على تحسين منصات الحكومة الإلكترونية الأكثر فعالية وسهولة في الاستخدام. كما تشير نتائجنا إلى أهمية سهولة الاستخدام وتجربة المستخدم وتكامل البيانات من وجهات نظر فردية فيما يتعلق بتقديم الخدمة (Park et al., 2022). وتؤثر تجارب الويب على رضا المستخدم وسلوكه وعادات التسوق لديه (Kumar et al., 2017). كما يقدم هذا البحث توصيات عملية لمساعدة صناع السياسات والمصممين والباحثين في تحسين مشاريع التصميم الرقمي.
المنهجية
بالتوافق مع هدف البحث المتمثل في استكشاف تجربة المستخدم وسهولة الاستخدام في منصات الحكومة الإلكترونية “حكومي” في قطر و”Devloper” في سنغافورة لفهم تأثيرها على تقبل التكنولوجيا ومبادرات التحول الرقمي. ونحن نستخدم أدوات آلية مثل (Similarweb) و(Lighthouse) و(ADA Site Compliance) كأدوات مناسبة لهذا الغرض. وقد قدمت (SimilarWeb) رؤى غنية حول حركة المرور على موقع الويب وكلمات البحث السائدة والتركيبة السكانية للجمهور والموقع الجغرافي وإجمالي الزيارات لكل فترة ومقاييس المشاركة والتحليل المقارن مع مواقع الويب المنافسة (SimilarWeb, 2024). كما يسهل (Lighthouse) تقييم أداء موقع الويب والامتثال لأفضل الممارسات واعتبارات قابلية الاستخدام ونضج المحتوى إلى جانب تسليط الضوء على المجالات التي تحتاج إلى تحسين (Lighthouse Report Viewer, 2024). ومن الجدير بالذكر أن التحقق من إمكانية النفاذ قد استخدم المعايير المعمول بها لضمان الشمول للمستخدمين ذوي القدرات والإعاقات المتنوعة مثل توفير النص للصور كعناصر بديلة وتباين الألوان والتعدد اللغوي لإحداث تأثير وتقبل جيد للتكنولوجيا من قبل جميع الزوار (ADA Site Compliance, 2022).
تعتمد منهجية البحث على التحليل الكمي باستخدام تحليل مواقع الويب واستخدام تحليل المقارنة النوعية (QCA) للحصول على رؤى شاملة ناتجة عن مقارنة حالات متعددة لتحديد مجموعات مختلفة من المتغيرات التي تؤدي إلى نتائج مماثلة أو استخدام درجات متفاوتة من التأثير للحصول على نتائج مثبتة (Ragin, 1987; Rihoux and Ragin, 2009). ويعد هذا النهج فعالاً بشكل خاص لفهم كيفية تأثير المتغيرات المستقلة المختلفة على النتائج (Rihoux et al., 2011) ولفحص محتوى وواجهات منصات الحكومة الإلكترونية الرئيسية للحصول على رؤى تجريبية لفهم مستوى تقبل التكنولوجيا بناءً على تحليل مقاييس أداء مواقع الويب.
يقوم تحليلنا بتبسيط المقارن بين الحالات المختلفة من خلال استخدام نموذج السياق والمحتوى والعملية (CCP) الذي اقترحه كل من ديفوس (Devos et al. 2007) وكيميير (Kimmer 2012). ويشمل هذا النموذج المؤشرات والحوكمة والحكومة الإلكترونية وتقييم الأثر. ويؤكد نيلسن (Nielsen 2017) بشكل أكبر على كيفية تأثير كل بُعد من هذه الأبعاد كما أفاد كيمير (Kimmer 2012) على العمليات والخيارات والنتائج في مجال تقديم الخدمات الإلكترونية. ونحن هنا نقوم بتقييم تجربة المستخدم للمنصات الحكومية من خلال التركيز على نقاط القوة والتحديات تجاه قبول التكنولوجيا من خلال استخدامنا لهذا الإطار. كما أننا نستفيد من تحليل البيانات الثانوية في التقارير التي تم إنشاؤها بواسطة أدوات آلية سابقة وكذلك المصادر الموثوقة بما في ذلك مواقع الويب الحكومية الوطنية والتقارير الوطنية والدولية من الأمم المتحدة والبنك الدولي. ويشمل تقييم مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية مؤشرات فرعية مثل استراتيجيات الحكومة الإلكترونية الرقمية وكفاءة تقديم الخدمات العامة واستكشاف التأثير المترابط لهذه المؤشرات (مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة، 2022؛ قطر، 2022؛ سنغافورة، 2022). كما يركز التحليل على الموضوعات المشتركة التي يتم استخلاصها بناءً على نموذج النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) مثل توقعات الأداء وسهولة الاستخدام وإمكانية النفاذ والتأثير الاجتماعي ومشاركة المواطنين فيما يتعلق بخدمات الحكومة الإلكترونية والتي تعد حاسمة لمبادرات التحول الرقمي الناجحة وتقبل التكنولوجيا بين الجمهور. كما يقيم هذا البحث الأطر والسياسات القانونية والبنية الأساسية الرقمية وتجربة المستخدم (قابلية الاستخدام والأداء وإمكانية النفاذ وآليات التغذية الراجعة وجودة المحتوى) والاستثمارات والشراكات والابتكار واتخاذ القرارات القائمة على البيانات لفحص نضج تجربة المستخدم للحكومة الإلكترونية بشكل شامل في كلا البلدين.
يتم جمع البيانات من مصادر مختلفة واستخدام أدوات آلية سابقة ثم تحليل البيانات إلى أنماط مثل إرشادات تقييم قابلية الاستخدام لنيلسن (Nielsen 1994) لتحديد وحل مشكلات قابلية الاستخدام على الفور. وقد اقترح 10 قواعد لتقييم تصميم تفاعل المستخدم: 1) إجراءات النظام المستجيبة وغير المفاجئة 2) المحاذاة المنطقية بين لغة النظام والاستخدام في العالم الحقيقي 3) سيطرة المستخدم على وظائف التراجع/الإعادة والخروج 4) الاتساق مع معايير المنصة 5) منع الأخطاء من خلال إظهار الرسائل 6) استرجاع المعلومات القائم على التنشيط 7) المرونة 8) تعليمات المهام البسيطة 9) شرح الخطأ والمساعدة في الاسترداد 10) مستندات المساعدة التي يمكن البحث فيها بسهولة لدعم المستخدمين (Chatzidakis, 2022).
وتذهب هذه الورقة إلى ما هو أبعد من التحليل لاستكشاف التأثيرات والدروس والأساليب النموذجية في الخدمات الحكومية الإلكترونية. فهي تسلط الضوء على كيفية إعطاء الأولوية لسهولة الاستخدام في الخدمات الحكومية الإلكترونية أثناء التصميم. كما يتناول البحث الحواجز التكنولوجية وقضايا البيانات وتحديات مقاومة تقبل التكنولوجيا لتسليط الضوء على ما قد يعيق تبني التكنولوجيا. وتساهم المقاييس وتحليل الأداء لكلا الموقعين في تقديم توصيات لتحسين قابلية الاستخدام وإمكانية النفاذ. كما يؤدي تبني منهجيات مختلطة وتحليل شامل إلى تقديم رؤى قيمة حول فهم تجربة المستخدم في منصات الحكومة الإلكترونية وتزويد صناع السياسات والمطورين بتوصيات عملية لتعزيز تقبل التكنولوجيا من قبل المواطنين في مشهد الحوكمة الرقمية في كلا البلدين.
النتائج والتحليل المقارن
يتضمن قسم التحليل والنتائج دراسة مقارنة بين موقعي “حكومي” في قطر و”Developer” في سنغافورة وتقييم تجربة المستخدم من وجهات نظر المستخدمين النهائيين والمطورين (hukoomi.gov.qa., n.d.; developer.tech.gov.sg., n.d.). وتضمنت عملية التقييم أدوات برمجية للتقييم الآلي مثل (SimilarWeb) و(Lighthouse) لتحليل ميزات تجربة المستخدم الرئيسية (الجدول 1). وقد أظهرت النتائج صحة الفرضية القائلة بأن التعقيدات في منصات الحكومة الإلكترونية في قطر تؤثر سلبًا على تقبل التكنولوجيا عند مقارنتها بسنغافورة. ويشير ذلك إلى أن مواقع الويب السنغافورية تتبع أفضل الممارسات وتستخدم نهج يركز على المستخدم عبر منصة واحدة بالتوازي مع الحفاظ على سلامة البيانات وهي تستمر في التحسين من خلال مركز أبحاث المستخدم. بينما تفوقت المواقع القطرية في إمكانية النفاذ والتركيز الكبير على خدمات الصحة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني ولكنها تعاني في مجال في منصات البيانات والخدمات الإلكترونية المجزأة الأمر الذي يعيق تبني التكنولوجيا. وتشير النتائج في كلتا المنصتين إلى أن كل من الأداء وتوقعات الجهد والظروف التيسيرية يؤثر على سلوك المستخدمين تجاه الخدمات الإلكترونية بما يتماشى مع النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) وأن التأثير الاجتماعي يبقى محدوداً (الشكل 4، الجدول 1).
الشكل 4 – مقارنة بين مواقع “حكومي” (قطر) و(Developer) (سنغافورة) باستخدام أداة (Lighthouse)، (Lighthouse Report Viewer, 2024)
الفئة | قطر (hukoomi.gov.qa) “حكومي” | سنغافورة (developer.tech.gov.sg) |
الأداء وسهولة الاستخدام | 39% | 33% |
الخدمات الإلكترونية التي تركز على المستخدم | متضمن | متضمن |
وقت إنجاز المهمة | تم العثور على معلومات مع رسالة خطأ | تم العثور على معلومات مع خيارات تنقيح وتصنيف |
إمكانية النفاذ | يضمن تباين الألوان إمكانية القراءة ودعم متعدد اللغات والتنقل عبر لوحة المفاتيح وتمكين قارئ الشاشة والتكبير والتصغير (نتيجة 100%) | توافق مع قارئ الشاشة، روابط تعتمد على اللون لمن يعانون من ضعف البصر، (درجة 81%) |
تصميم الواجهة | تصميم واضح ومتسق وسهل الاستخدام عبر الأجهزة ويخدم فئات سكانية متنوعة | تصميم حديث وسهل الاستخدام، متجاوب مع الأجهزة المحمولة |
شمول المحتوى | مجموعة واسعة من الخدمات ومبادرات حكومية مفتوحة وأدوات تفاعلية | متجر شامل، معلومات شاملة، شفافية ومساءلة، عناصر تفاعلية |
إمكانية البحث | محرك بحث فعال | محرك بحث فعال |
تسلسل المعلومات | تنقل واضح في الموقع وسهولة النفاذ إلى المحتوى | معلومات منظمة ومهيكلة منطقيًا |
جودة المحتوى وقابليته للقراءة | يلبي احتياجات المستخدم ويقدم محتوى دقيق وواضح | تلبي احتياجات المستخدم، محتوى دقيق وواضح ومنسق جيدًا |
الشفافية والمساءلة | يحتاج إلى مزيد من التحقق ومبادرات البيانات المفتوحة ومنصات المشاركة | آليات ردود الفعل، مبادرات البيانات المفتوحة، منصات المشاركة |
الميزات التفاعلية | محدودة، مؤخرًا | آليات ردود الفعل المتنوعة، منصات المشاركة |
المشاركة | تم تشجيع التغذية الراجعة والاقتراحات | تم تشجيع التغذية الراجعة والاقتراحات وتعزيز البيانات المفتوحة ومشاركة المواطنين |
الرضا | وقت طويل على الصفحة، ومعدل نقر مرتفع | وقت طويل على الصفحة، مؤشر معدل النقر مرتفع ما يؤشر على الرضا |
الملاحظات المباشرة للمستخدمين | استخدام منصة Shark جنبًا إلى جنب مع الاستطلاعات عبر الإنترنت واستبيانات الرأي والمنتديات | جمع بيانات نوعية حول نقاط الضعف والتفضيلات |
التركيبة السكانية والاهتمامات وفق حركة المرور على الموقع | معظم المستخدمين: 35-44 سنة، ذكور يتصفحون: التمويل > التخطيط المالي، الإدارة، جوجل، وسائل التواصل الاجتماعي، الحكومة | معظم المستخدمين: 25-34 سنة، ذكور يتصفحون: أجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات والتكنولوجيا > البرمجة، برامج المطورين، جوجل، وسائل التواصل الاجتماعي، الحكومة |
مواقع الويب الخاصة بالمنافسين | mol.gov.qa, moci.gov.qa, nas.gov.qa | mycareersfuture.gov.sg, opencerts.io, smartnation.gov.sg |
أهم الكلمات الرئيسية | تجديد البطاقة الصحية قطر | لا توجد بيانات |
حركة المرور من المنصات الاجتماعية | معظمها من تطبيق ويب WhatsApp” ثم “reddit” | معظمها من”Linkedin ” و” Meetup” |
روابط الويب إلى الويب | لا توجد بيانات | إلى 10 مواقع الالكترونية، 50% حكومة، تعليم، تكنولوجيا |
صحة حجم الصور | غير صحيح – تنسيق فيديو وغير فعال لمحتوى الرسوم المتحركة | صور مخفية |
أفضل الممارسات | 74% | 100% |
الامتثال للمعايير | 45% | 52% |
الجدول 1 مقارنة تجربة المستخدم: المواقع الحكومية (قطر وسنغافورة) (ADA Site Compliance, 2022; hukoomi.gov.qa., 2024; developer.tech.gov.sg., 2024; Lighthouse Report Viewer, 2024; Similar Web, 2024; Participate | Sharek, 2024).
تجربة المستخدم في الحكومة الإلكترونية (توقعات الأداء والجهد)
تشمل عوامل تجربة المستخدم في سياق خدمات الحكومة الإلكترونية توفير الوقت والجهد والراحة وتسهيل الاستخدام والشفافية والمساءلة واستحقاق الثقة والمشاركة وهي عوامل تؤثر على سلوكيات المواطنين والمستخدمين (الجدول 1) (2022، مؤشر نضج الحكومة الإلكترونية). وعلى العكس من ذلك فإن تأخر وقت الاستجابة وعدم توفر الخدمة والمعلومات القديمة وفشل المعاملات تعتبر جميعها عوامل تؤدي إلى عدم الرضا وتستلزم إعادة تقييم تقديم الخدمة. ويُظهر كلا البلدين اختلافات في تجربة المستخدم وخاصة في أداء الموقع الإلكتروني وسهولة الاستخدام (hukoomi.gov.qa., 2024; developer.tech.gov.sg., 2024). كما يعتمد تقبل التكنولوجيا بشكل أكبر على مدى تحقيق الفائدة المتوقعة من استخدامها (Davis et al., 1989). وتلتزم الدولتان بإمكانية النفاذ وسهولة الاستخدام كمتطلبات قانونية وهو المجال الذي حققت قطر تقدماً ملحوظاً فيه مثل برامج قراءة الشاشة لمحتوى صفحات الويب لجميع النصوص والصور والنصوص البديلة ونصوص الفيديو لتوصيل الرسائل. ولا يتم استخدام توليد النص عبر الذكاء الاصطناعي لأنه غير دقيق بل يتم استخدام نص بشري (الجدول 1). ويتماشى ذلك مع قانون الإعاقة الأمريكي (ADA) (2022) الذي يحدد معايير إمكانية النفاذ لضمان الشمولية والنفاذ المتساوي.
تمزج تجربة العملاء الهجينة في “حكومي” و” developer ” بين التفاعل عبر الإنترنت والتفاعل البشري مما يؤثر على ولاء العملاء بشكل كبير. كما توجد هناك قنوات اتصال مختلفة بالعملاء مثل تطبيقات الهاتف المحمول وخطوط الهاتف على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وروبوتات الدردشة بالإضافة إلى الموظفين الذين يبقى دورهم هاماً لحل المشكلات لتعزيز جودة تجربة العملاء (Gill, 2023; hukoomi.gov.qa., 2024; developer.tech.gov.sg., 2024). وقد حققت كلتا المنصتين معدل رضا مرتفع كما هو واضح من ارتفاع الوقت الذي يتم قضاؤه في الصفحة ومعدلات النقر المرتبطة بالمشاركة الرقمية (الجدول 1) (Lighthouse Report Viewer, 2024). ويعد رضا المستخدم أمراً بالغ الأهمية لتبني خدمات الحكومة الإلكترونية التي تؤثر على تجربة المستخدم في حين تؤثر الأعطال على هذه الحكومة سلبًا (Seo et al., 2018) مما يتماشى مع تعريفات سهولة الاستخدام التي تشمل إمكانية النفاذ والتشغيل وسهولة الاستخدام ومنع الأخطاء من أجل تحقيق الفعالية ونيل الرضا (ISO 25023, 2016; Sharabati et al., 2015). وقد أدت عملية الرصد والمتابعة إلى تحسين انسجام وتوافق الخدمات التي تعتمد على البيانات مع احتياجات المستخدمين. كما يشير الأداء المتوسط والضعف من حيث سهولة الاستخدام إلى وجود معلومات غير حصرية وميزات غير مستخدمة أثناء التصفح (الجدول 1) (Van Staden et al., 2015).
ويعتمد توافر الخدمات الإلكترونية ونضجها في سنغافورة على التفاعل بين الجمهور والحكومة وتقديم الخدمات العامة من خلال منصات موحدة عبر الإنترنت “محطة واحدة” (developer.tech.gov.sg., 2024). إن (Singpass) هو تطبيق جوال يستخدمه المواطنون لأكثر من ألف خدمة حكومية بما في ذلك الخدمات الاجتماعية عبر الإنترنت ومعالجة المستندات والتعريف الشخصي (Singapore gov, 2021)، كما تساعد منصة العطاءات المركزية (GeBiz Singapore) الشركات التي تقدم الخدمات العامة مما يعزز الكفاءة والراحة في هذا المجال (Curtin et al., 2003, p. 26). ويعزز التطبيقان تبادل المعرفة بين المؤسسات ويحسنان كفاءة العمليات بناءً على مراجعات الفائدة المتوقعة منهما (Curtin et al., 2003, p. 23). وقد قدمت قطر مجموعة متنوعة من الخدمات ولكن ليس كمنصة “محطة واحدة” (hukoomi.gov.qa., 2024) حيث يعيق استخدام إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المجزأة التشغيل البيني ويزيد من تعقيدات التكامل ويعيق تقديم الخدمة (Curtin et al., 2003, p. 26).
تُعد وكالة “باحثو واجهة المستخدم” (USER) في سنغافورة وكالة تضم خبراء استشاريين يوجهون المنظمات الوطنية والعالمية لتحسين تجربة المستخدم بحيث تكون بسيطة ومريحة وقبالة للنفاذ. وتساهم المواقع الإلكترونية المصممة جيدًا في تحسين أداء الموقع الإلكتروني عموماً مما يوفر مزايا تنافسية في جميع قطاعات الخدمات (Researchers, 2022). ويعد هذا التحسين مفيداً كما أنه يعزز الحوكمة الجيدة ويبني سمعة إيجابية. وتشارك التطبيقات المعلومات وتساعد في التواصل مع الخدمات الحكومية مثل الخدمات المصرفية والرعاية الصحية. وتحتل الخدمات المالية المرتبة الأعلى في تجربة العملاء مقارنة بالقطاعات الأخرى مع التركيز القوي على الأمان فهي تعطي الأولوية للتنفيذ السريع والبسيط والمركّز على العملاء وتعزيز الولاء والمناصرة (ملخص تقرير التميز في تجربة العملاء في سنغافورة 2019). ومن جهتها فقد استثمرت قطر في مبادرات التكنولوجيا مثل الصحة الإلكترونية والتعلم الإلكتروني من خلال الاستثمارات المالية وإصلاحات الحكومة الإلكترونية المؤسسية (Faisal & Talib, 2015). ومع ذلك فقد واجهت هذه المبادرات تحديات أمام تبنيها وتقبلها (Al-Shafi & Weerakkody, 2008) مما يؤكد أهمية تحسين تجربة المستخدم من أجل التنفيذ الناجح لمبادرات كهذه.
التأثير الاجتماعي ومشاركة المواطنين
استخدمت قطر منصة (Shark) إلى جانب الاستطلاعات والاستبيانات والمنتديات عبر الإنترنت بينما جمعت سنغافورة بيانات نوعية حول نقاط الضعف والتفضيلات (hukoomi.gov.qa., 2024; developer.tech.gov.sg., 2024). ويعكس تطوير الخدمات التي تركز على المواطنين تقدم الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا الحكومية مما يتطلب الاهتمام بالمعايير الثقافية ومحو الأمية الرقمية للتغلب على حواجز النفاذ (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022). وتعد المشاركة الإلكترونية والتغذية الراجعة الإلكترونية أمورًا محورية لتقييم مشاركة المواطنين الرقمية وتوظيف المنصات الوطنية لإشراك المواطنين في صنع قرارات السياسات مع نشر ردود الحكومة. وتقوم الحكومات بجمع طلبات المستخدمين واقتراحاتهم مما يعزز التكنولوجيا المدنية “المواطنية” من خلال التكنولوجيا الحديثة مثل برامج الدردشة والمنتديات. ومع ذلك فإن مستويات الرضا تختلف بسبب التفاوتات الديموغرافية حيث تُظهر سنغافورة امتثال أكبر بالمعايير (الجدول 1).
الظروف التيسيرية
تعمل قطر وسنغافورة باعتبارهما دولتين من المجموعة (أ) على تعزيز نضج التكنولوجيا الحكومية من خلال مواءمة الوحدات مع مكتب رئيس الوزراء وتعزيز النهج الحكومية الشاملة والحلول الفعّالة ومراقبة الامتثال للمعايير وتعزيز شفافية الحكومة من خلال نشر البيانات العامة ومناقشات السياسات (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022). ويجب هنا إنشاء إطار فني شامل للسياسات لكل الوكالات الحكومية لتصميم وإدارة نظام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الموحد عبر الوكالات بهدف تعزيز الكفاءة وتشجيع إعادة استخدام المكونات المختلفة من مختلف القطاعات (Curtin et al., 2003, p. 26). وتستخدم الوكالات الحكومية منصات سحابية للوصول الآمن إلى الخدمات العامة لكنها تفتقر إلى التصميم الذي يركز على المستخدم. إن النفاذ للخدمات عبر الهاتف المحمول آخذ في التوسع بشكل كبير مما يعزز الطلب على المنصات المتكاملة عبر الإنترنت لتقديم خدمات مبسطة (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022). وهناك عوامل تترك أثراً سلبياً في هذا النجال مثل بطء المؤسسية بسبب قضايا تخصيص الموارد والتنسيق وإدارة البيانات (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022). وتعمل كلتا الحكومتين على بناء قدرات الموظفين العموميين والتعاون مع المؤسسات الأكاديمية (الجدول 1). كما تعطي الاستراتيجيات الوطنية الأولوية لمبادرات وسياسات الابتكار التي تدعم الشركات الناشئة وتعزز المهارات الرقمية (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022). ومع ذلك تفتقر قطر إلى سياسة للمشاركة الإلكترونية بينما تستخدم سنغافورة آلية الاستجابة الحكومية (GRM) للحصول على تعليقات الجمهور على تقديم الخدمات وتعزيز الشفافية والاستجابة. وعلى الرغم من توفر التقارير في قطر إلا أن البيانات المتعلقة باستجابة الحكومة لتعليقات المواطنين وتحديثات الخدمة لا تزال غائبة مما يكشف عن تباين بين البلدين (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022؛ مجموعة بيانات التكنولوجيا الحكومية | مصنف البيانات، 2023).
الدروس المستفادة من تجربة سنغافورة في مجال تجربة المستخدم
يستهدف تدريب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفئات العمرية المتنوعة ومستويات مهارات الكمبيوتر المختلفة لتعزيز قابلية التوظيف ومحو الأمية الرقمية بدءاً من مهارات الإنترنت ووصولاً إلى تطوير التكنولوجيا (Curtin et al., 2003, p. 25). وقد أدت قدرات رأس المال البشري والاستراتيجية الواضحة والبنية الأساسية القوية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى مبادرات ناجحة للحكومة الإلكترونية والتكيف مع التغيير بهدف خدمة الجمهور من خلال الأتمتة والتنسيق ثم إحداث التغيير في المجالات الاجتماعية والتكنولوجية والتجارية (Curtin et al., 2003, p. 21). وينصح بتنفيذ خطة عمل تركز على مراجعة السياسات لدمج أنظمة الخدمات الإلكترونية التي تركز على العملاء وتحسين الاستجابة وتعزيز الابتكار من خلال التجريب لخلق قيم جديدة للحكومة والمواطنين (Curtin et al., 2003, p. 22). وهكذا فإن نضج الخدمة الرقمية يعتمد على القيادة القوية والرعاية والتركيز على المستخدم والحوكمة من أجل التنمية المستدامة (Curtin et al., 2003, p. 26).
النقاش
تستند هذه الورقة إلى الإطار النظري القوي لنموذج النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) مع التركيز على تقبل المستخدم لتكنولوجيا المعلومات وتأثير ذلك على رحلة التكنولوجيا. كما تشرح نوايا وسلوكيات المستخدمين فيما يتعلق باستخدام أنظمة المعلومات من وجهات نظر مختلفة بما في ذلك توقعات الأداء وتوقعات الجهد المطلوب والتأثير الاجتماعي والظروف التيسيرية بالإضافة إلى عوامل وسيطة مثل العمر والجنس والخبرة والطوعية (Venkatesh et al., 2003). وتتوافق نتائج الدراسة مع النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا حيث أثرت توقعات الأداء على تصورات المستخدمين تجاه فوائد منصات الحكومة الإلكترونية. كما أثرت توقعات الجهد المطلوب وسهولة استخدام منصات الحكومة الإلكترونية والمحتوى الواضح على تصورات المستخدم وبالتالي على زيادة التفاعل. وتؤكد نظريات انتشار الابتكار وتقبل التكنولوجيا على أن البساطة تعزز المواقف الإيجابية تجاه تكنولوجيا المعلومات في حين أن التعقيد يعيق تقبلها (Park et al., 2022). وقد توافقت نتائج تقييم قابلية الاستخدام على كلتا المنصتين مع عوامل نيلسن الاستدلالية (1994) التي تساعد في تقييم نقاط محددة وتنفيذها مما يؤدي إلى تحسينات ملموسة في تقييم المواقع الإلكترونية أو الخدمات عبر الإنترنت.
إن هناك عوامل اجتماعية تؤثر في هذا المجال بدرجات متفاوتة مثل مشاركة الأفراد ومواقف المستخدمين وسلوكياتهم التي أثرت على استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية. وقد كانت الظروف التيسيرية تشكل عوامل دعم أو عقبات من البيئة الخارجية مثل المهارات الرقمية للأفراد وتوفر الإنترنت عريض النطاق والدعم الفني وهي ظروف وجدت في كلا البلدين كمبادرات تؤثر على تقبل المستخدمين لمنصات الحكومة الرقمية. وقد تؤثر المتغيرات المضبوطة والعوامل الديموغرافية مثل العمر والجنس على سلوكيات المستخدمين تجاه استخدام الخدمات الإلكترونية. ووجدت الدراسة أن معظم الزوار كانوا من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و45 و25 و34 عامًا في قطر وسنغافورة على التوالي مما قد يؤثر على الفائدة المتوقعة من قبلهم والنوايا السلوكية لديهم.
وتُظهر نتائج الدراسة أن كلا البلدين يعطيان الأولوية لرضا المواطنين وتسهيل مستوى المعاملات ومبادرات المشاركة الإلكترونية (مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، 2022). وتستفيد سنغافورة من المشاركة الإلكترونية القوية لتحسين الخدمات الإلكترونية التي تركز على المستخدم بناءً على التغذية الراجعة. وتتفوق منصة ” Developer ” من حيث أفضل الممارسات والتركيز على المستخدم. بينما تركز بوابة “حكومي” على إمكانية النفاذ رغم وجود بيانات مجزأة. وتقدم سنغافورة متجرًا شاملاً في محطة واحدة وبيانات عالية الجودة ومنشورات وآليات مشاركة قوية. وتدعم هذه الملاحظة فرضيتنا التي اقترحت أن انخفاض مستوى تجربة المستخدم يؤثر على تقبل التكنولوجيا بين المواطنين في قطر مقارنة بسنغافورة.
يساهم بحثنا نظريًا في فهم تقبل المستخدم للتكنولوجيا في منصات الحكومة الإلكترونية. ومن خلال تحليل نموذج النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا فقد تبين أن الأداء وتوقعات الجهد المطلوب هي عوامل رئيسية تشكل المواقف وسلوكيات الاستخدام. بينما أظهرت العوامل الديموغرافية مثل العمر والجنس تأثيرًا معتدلًا أقل أهمية. وتؤكد دراستنا على أهمية دور تصميم تجربة المستخدم لأن فهم سياقات المستخدم يعزز من مستوى الرضا والولاء إضافة إلى سلوكيات الاستخدام الإيجابية والتقبل مما يزيد في النهاية من قيمة منصات الحكومة الإلكترونية. ونحن نقوم بتوسيع الأسس النظرية لنموذج النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا من خلال توضيح تفاعلات المستخدمين مما يوفر رؤى واضحة حول دوافع تقبل التكنولوجيا في مجال الحكومة الإلكترونية والتحول الرقمي.
إن لنتائج هذا البحث آثار عملية على صناع السياسات والمصممين والممارسين في الحكومة الإلكترونية. حيث تقوم معالجة نقاط الضعف بالحفاظ على المستخدمين في حين تعمل المنتجات الناجحة على التحسين وليس إعادة الاختراع. كما يجب إعطاء الأولوية لاستراتيجيات التصميم التي تركز على المستخدم وإشراك المستخدم عند تطوير منصات الحكومة الإلكترونية لزيادة مستوى تقبله للتكنولوجيا من خلال تحسين الحلول الحالية. ويُفضل هنا تبني منهجية (Agile) لقدرتها على التكيف وتعزيز رضا العملاء بشكل متكرر. وبالتالي فإن التحسينات التكرارية في تجربة المستخدم تعزز التنوع وتضمن للجميع تفاعلًا فريدًا ومرضيًا لتحقيق الشمول عبر المستخدمين المتنوعين مع التوقعات والخبرات والقدرات المتنوعة. كما يمكن لتوفير قنوات التغذية الراجعة المستمرة أن يعزز سهولة الاستخدام المتوقعة والفائدة ومشاركة المستخدم ككل.
تساهم الرؤى المستنيرة في قدرة صناع القرار على وضع سياسات تستند إلى تحليلات أساسية لنقاط الضعف في مجال استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية ما يؤدي إلى تطوير واجهات سهلة الاستخدام (What Is Usability Evaluation?, 2023). الأمر الذي يساعد على تحقيق إمكانية النفاذ للمستخدمين من ذوي الإعاقة من خلال ميزات معينة مثل إجراء اختبارات المستخدم من قبل طيف متنوع من الأفراد. ومن الممكن أن يتم التغاضي عن ذلك حيث تضمن عملية التحسين المبنية على ملاحظات هؤلاء المستخدمين تصميمًا أكثر شمولاً (UX Design, 2024). وقد لوحظ عدم وجود إصدار باللغة العربية في قطر لإرشادات تجربة المستخدم. وتوجد هناك مشكلة أخرى وهي غياب المنتديات الحكومية التي يمكن أن تسهل وتنشر استجابة الحكومة للمواطنين مما يجعل كيفية إجراء التحديثات بناءً على ملاحظات المواطنين غير واضحة. وتعتبر مسائل فهم الجمهور وضمان البساطة في التصميم وتلبية توقعات المستخدمين أموراً بالغة الأهمية. كما يساعد الفريق ذو اللغات المتعددة أو الاستشارات الثقافية في سد الفجوات اللغوية وفهم التوقعات المتنوعة للمستخدمين (UX Design, 2024).
تعزز إجراءات تبني تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتحسين قابلية الاستخدام وتمكين مشاركة المواطنين عبر القنوات الرقمية لشفافية من مستوى رضا المستخدم وصنع السياسات الشاملة من خلال معالجة طلبات المستخدمين بشكل محايد (Bertot et al., 2012). كما يؤسس تعزيز قابلية استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية لتجربة مستخدم إيجابية ويؤكد على نتائج الأبحاث السابقة (Shareef et al., 2011). وتحظى مشاركة المواطنين من خلال المنصات عبر الإنترنت بتقدير كبير إضافة إلى أن إدخال وسائل التواصل الاجتماعي في هذه المنصات يسهل الحصول على ردود الفعل العامة حول قضايا السياسات (Bertot et al., 2012; Kumar et al., 2017). ويضمن الاتصال القوي بالإنترنت في كلا البلدين النفاذ إلى معلومات حكومية محدثة إضافة إلى أن تعزيز مستوى ملائمة الخدمة يحسن من مواقف المواطنين تجاه التكنولوجيا (Bhattacherjee, 2001). وقد تم تحسين دقة الموقع الإلكتروني في الجانب السنغافوري وهو أمر بالغ الأهمية لإشراك المواطنين (Cullen & Houghton, 2000). كما لوحظ أن المواطنون يعطون الأولوية لخدمات الحكومة الإلكترونية بدلاً من الطرق التقليدية بسبب عوامل السهولة والسرعة والراحة مما يؤدي إلى تغييرات سلوكية وتوفير الوقت (Gilbert et al., 2004; Curran & Meuter, 2005). وبالتالي فإن عوامل مثل الاتصال الموثوق به والمعلومات الدقيقة وتصميم الخدمة التي تركز على المستخدم تعزز مواقف المواطنين الإيجابية وتقبلهم لمنصات الحكومة الإلكترونية. وفي حين تتميز الخدمات الحكومية باستخدام التكنولوجيا والبيانات إلا أن التحديات المجتمعية مثل خصوصية البيانات لا تزال قائمة. وقد عززت القمة العالمية للويب من مستوى الوعي وتناولت رقمنة تجربة العملاء في الوكالات الحكومية العالمية وأشركت أصحاب المصلحة وقدمت حلولاً مخصصة لكل من الكيانات الخاصة والعامة (Governmentcxsummit.Com, n.d). ولكن تحقيق نضج الحكومة الإلكترونية يستلزم الاستثمار في عوامل تمكين الحكومة الإلكترونية وتوليد الدخل (GovTech Maturity Index, 2022).
ورغم وجود بعض القيود على بحثنا هذا مثل عدم القدرة على استخدام منصة إحصاءات جوجل (Google Analytics) والتحديات في مجال إقامة علاقات سببية بين المتغيرات، إلا أنه البحث قد ركز في المقام الأول على سلوكيات المستخدم متجاهلاً العوامل المؤثرة مثل الاختلافات الثقافية والاجتماعية. حيث تعد معالجة قيود المستخدمين والنظام أمر ضروري لمصممي الأنظمة وليس فقط معالجة الأخطاء البشرية على كلا الجانبين (What Is Usability Evaluation?, 2023).
يمكن للدراسات المستقبلية استكشاف ديناميكيات تقبل التكنولوجيا في مجال خدمات الحكومة الإلكترونية من خلال البيانات التجريبية وخاصة في قطاعات مثل التعليم أو الرعاية الصحية. كما يمكن أن يؤدي استخدام “اختبار الشجرة” وتقييمات قابلية الاستخدام إلى قياس فعالية أنظمة الإرشاد المكاني وتحديد المسارات في حين قد ترصد المقاييس الكمية شكاوى المستخدمين وقد تكشف البيانات النوعية عن المشاعر والانطباعات الأولية لديهم. وقد يحد الحاجز الجغرافي لدراستنا من إمكانية تعميم النتائج مما يحث الأبحاث اللاحقة على توسيع نطاق المنصات والسياقات المؤسسية المتنوعة وبالتالي إثراء فهمنا لتقبل التكنولوجيا في مجال التحول الرقمي لخدمات الحكومة الإلكترونية.
الخاتمة
لقد هدفت هذه الدراسة التي تستخدم النموذج الموسع للنظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) إلى تقييم تأثير تجربة المستخدم على تقبل المستخدم للتكنولوجيا ونضج التكنولوجيا الرقمية في منصات الحكومة الإلكترونية لفهم العقبات التي تجعل قطر تتأخر عن سنغافورة في هذا المجال. وتشير النتائج إلى أن مستوى الأداء وتوقعات الجهد قد جاءت متشابهة لكلا المنصتين وهي العوامل التي تشكل سلوك المستخدم تجاه استخدام التكنولوجيا. كما تلعب الظروف التيسيرية مثل النطاق العريض للإنترنت والدعم الفني دورًا هاماً في مبادرات التكنولوجيا الرقمية. وقد لا يبدو دور التأثير الاجتماعي هاماً ولكننا لاحظنا أن معظم المستخدمين كانوا من الذكور. إن قطر تتفوق في مجال إمكانية النفاذ إضافة إلى استثمارها في مجالات خدمات الصحة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني ولكنها تعاني من وجود تحديات في مجال تبني التكنولوجيا والبيانات المجزأة وتوافر الخدمات الإلكترونية الشاملة. وفي الوقت نفسه فإن سنغافورة تتبع أفضل الممارسات من خلال منصتها “الشاملة ذات المحطة الواحدة” وتكامل البيانات والخدمات المالية الإلكترونية التي أدت إلى تجربة عملاء متميزة.
لقد واجهت هذه الدراسة العديد من القيود نذكر منها في المقام الأول عدم توفر الكثير من البيانات المتعلقة بقطر للجمهور إضافة إلى وجود تناقضات في المعلومات المتاحة مما أدى إلى الغموض فيما يتعلق بالدقة. لذا فإن قطر تحتاج إلى منصات مركزية توفر بيانات متسقة ومحدثة من خلال التعاون بين الوكالات وضمان حوكمة البيانات القوية والاستثمار في ثقافة تعتمد على البيانات (GovTech Maturity Index, 2022). لقد قامت سنغافورة بتطوير التقارير الموحدة وتبني أفضل الممارسات، وقد يساعد تطوير واجهات برمجة التطبيقات وإنشاء مركز أبحاث حول التحديات التي تركز على المستخدم في تعزيز الحلول الفعالة والناجعة لمتابعة تجربة سنغافورة. كما فرضت علينا قيود الوقت تحديات في مجال إجراء المقابلات والمسوحات وخاصة للتطبيقات المستخدمة في سنغافورة. وبالتالي فقد اعتمد التحليل فقط على الأساليب الآلية لفحص تجربة المستخدم على المواقع الرئيسية لكلا البلدين. ونتيجة لذلك فإن إطار عمل النظرية الموحدة لتقبل واستخدام التكنولوجيا (UTAUT) يتطلب جمع المزيد من البيانات لتقديم رؤى شاملة حول هذه المسألة. وبالإضافة إلى الافتقار إلى تصورات المستخدم الحقيقية من كل بلد فإننا لم نتناول العوامل الاجتماعية والثقافية والديموغرافية لقياس تأثيرها المباشر.
توصي هذه الدراسة كلا البلدين بإنشاء قنوات متعددة للمشاركة الإلكترونية لمعالجة المشكلات التي يواجهها المستخدمون أثناء رحلتهم على منصات الحكومة الإلكترونية ولتحقيق استجابة الحكومة للاحتياجات والتغييرات المتطورة للمواطنين مع التركيز على إمكانية النفاذ وسهولة الاستخدام للخدمات الإلكترونية. وتتطلب بوابات الخدمات الإلكترونية تحسين سياسات التحول الرقمي بالاعتماد على وجهة نظر الأفراد والشركات لتحسين سهولة الاستخدام وإمكانية النفاذ للأشخاص ذوي الإعاقة من حيث تسليط الضوء على مشكلات التصفح والتخطيط للتحسينات طويلة الأجل وبناء مهارات المواطنين ثم تقييم رأس المال البشري الذي يقيم القدرة على استخدام الخدمات الإلكترونية (E-GDI, 2012). ويمكن أن يتم التعاون هنا بين مركز مدى في قطر وهيئة تطوير وسائل الإعلام والاتصالات في سنغافورة (IMAD) وجمعية الأشخاص ذوي الإعاقة (DPA) بدعم من صناع السياسات (Yazid, 2024). كما أن هناك حاجة إلى التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والهيئات الحكومية ورواد الأعمال والشركات الرقمية لتعزيز تجربة المستخدم وفرض الالتزام بالمعايير الفنية الموحدة (Enhancing User-Friendliness, 2023). ويجب استخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم قابلية الاستخدام ولاكتشاف الفرص والاتجاهات مع الحاجة إلى الجهد البشري للتقليل من تحيز الذكاء الاصطناعي (What Is Usability Evaluation?, 2023).
تركز أبحاث إدارة علاقات العملاء المستقبلية على فهم سلوك المستخدم وتطوير حلول مخصصة لتلبية احتياجاته بشكل فعال (Curtin et al., 2003, p. 29). وقد يعزز الاستثمار في الخدمات الإلكترونية الآمنة من درجة المرونة. كما قد تعزز معالجة الفجوة الرقمية وتأثيرها على الثقة بين القطاعين العام والحكومي بالإضافة إلى المساءلة والشفافية من نضج مبادرات الحكومة الإلكترونية. وقد تشجع الثقافة الرقمية على تغيير العقلية داخل المجتمع نحو تقبل التكنولوجيا. ويمكن للتفاعل بين البلدين أن يخلق فرصًا أفضل لتحسين استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية ومشاركة أفضل الممارسات. وفي النهاية فإنه يمكن لقطر أن تتعلم من أفضل ممارسات سنغافورة حول كيفية تحسين المنصات وتحسين تجربة المستخدم من خلال الالتزام بمعايير الامتثال. كما يمكن لسنغافورة دمج تحسينات إمكانية النفاذ بناءً على تجارب قطر في هذا المجال. ويمكن لكلا البلدين من خلال تعزيز بيئة تعاونية بينهما الاستفادة من المعرفة والخبرات المشتركة مما يدفع إلى تقدم خدمات الحكومة الإلكترونية التي تركز على المستخدم. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن لهذا المجال دراسة السياسات العامة والمبادئ التوجيهية المتعلقة بتجربة المستخدم للخدمات عبر الإنترنت أو استكشاف تأثير العوامل الثقافية والاجتماعية على دوافع المستخدم في هذه البلدان حيث سلط (Baazeem 2019) الضوء على حقيقة أن خلفية المستخدم تؤثر على اختيارات التكنولوجيا. وهكذا فإن من شأن توظيف مشاركة المستخدم والعوامل السياقية أن يعزز فهم تقبل التكنولوجيا وتبني خدمات الحكومة الإلكترونية.
شكر وتقدير.
أود أن أشكر قسم الإدارة العامة في معهد الدوحة للدراسات العليا على دعمه القيم. وأوجه شكراً خاصاً للدكتور موسى علاية على إرشاداته وبصيرته. لقد كان هذا العمل بمثابة حجر الأساس في مشروع التخرج.