التعرف الضوئي على الأحرف العربية والتكنولوجيا المساعدة

نظرًا لأن تقنية التعرف الضوئي على الأحرف قد مرت بتحسينات جوهرية على مدار العقود الماضية، فقد استخدمتها صناعة التكنولوجيا المساعدة كأداة هامة وحاسمة لتكون بمثابة أساس لتطوير اكتشافات وتحقيق تقدّم كبير في مجال حلول التكنولوجيا المساعدة المبتكرة. تم تطوير التكنولوجيا المساعدة للأفراد الذين يعانون من أنواع مختلفة من الإعاقات من خلال استخدام التعرف الضوئي على الأحرف. ومكنت هذه الحلول الأشخاص ذوي الإعاقة من أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع في مجالات مختلفة مثل التعليم والتوظيف والمجتمع.

كان لظهور التكنولوجيا المساعدة القائمة على التعرف الضوئي على الأحرف تأثيرًا تحويليًّا على الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالات مثل زيادة الإنتاجية التعليمية وتعزيز الاستقلال في أداء المهام اليومية التي تؤدي إلى تحسين نوعية الحياة. إن قدرة تقنية التعرف الضوئي على الأحرف على تقديم تحويل فعال ودقيق للوثائق الورقية والصور إلى تنسيقات رقمية قابلة للتحرير قد أثرت بشكل كبير على إمكانية توفير المعلومات بتنسيقات يسهل النفاذ إليها ومناسبة للاستخدام من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة. وتتوفر في السوق اليوم عدة أنواع من حلول التكنولوجيا المساعدة المبتكرة القائمة على تقنيات التعرف الضوئي على الأحرف، نسرد منها ما يلي:

• التقنيات التي تساعد في التغلب على صعوبات التعلم: غالبًا ما يجد الأفراد الذين يعانون من صعوبات التعلم مثل عسر القراءة واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه صعوبةً في قراءة المواد المطبوعة حيث يصبح التمييز بين الأحرف وتتبع تدفق القراءة أمرًا شاقًا. تدعم حلول التكنولوجيا المساعدة المختلفة إنشاء المستندات الرقمية من المستندات والصور الممسوحة ضوئيًا من خلال استخدام تقنية التعرف الضوئي على الأحرف. ويمكن معالجة هذه المستندات الرقمية تلقائيًا وتحويلها إلى مواد يسهل النفاذ إليها حيث تكون مصممة خصيصًا لتناسب احتياجات الطالب الذي يعاني من صعوبات التعلم. وبمجرد التحويل إلى تنسيق رقمي، يمكن أن تدعم التكنولوجيا المساعدة المتخصصة (مثل TextHelp و Clicker و Kurzweil وما إلى ذلك) ميزات مثل أدوات تحويل النص إلى كلام وأدوات تتبع النص التي تساعد المستخدمين على تتبع الكلمات التي يقرأها البرنامج بصريًا. ويمكن أن تتضمن ميزات البرنامج أيضًا خيارات مفيدة إضافية مثل إنشاء مكتبة قابلة للتكوين بواسطة المستخدم وقاموس وخاصية التحديد، وألوان تتبع الكلمات والجمل القابلة للتعديل، بالإضافة إلى الخلفيات القابلة للتخصيص.

• التقنيات التي تمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من القراءة بشكل مستقل: غالبًا ما يواجه الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية مثل ضعف البصر أو العمى تحديات في قراءة المواد المطبوعة. يمكن لحلول التكنولوجيا المساعدة أتمتة عملية تحويل المواد المطبوعة إلى تنسيق يمكن النفاذ إليه من خلال استخدام حلول البرامج أو الأجهزة المتخصصة. وتعتمد الخطوة الأولى في عملية التحويل هذه على استخدام تقنيات التعرف الضوئي على الأحرف للتعرف على الأحرف في مواد القراءة وتحويل المحتوى إلى تنسيق رقمي. وبمجرد التحويل، يمكن استخدام المستند الرقمي بواسطة حلول التكنولوجيا المساعدة (مثل Duxbury، ومحول EZ، وما إلى ذلك) لإنشاء مواد للقراءة بتنسيق قابل للنفاذ مثل الطباعة بحجم خط كبير، وتحويل النص إلى كلام، وطريقة برايل. وبدون تقنية التعرف الضوئي على الأحرف الدقيقة، ستكون ترجمة المستندات الممسوحة ضوئيًا إلى تنسيق رقمي غير موثوقة، وبالتالي، ستعيق قدرة الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية على القراءة بشكل مستقل.
• التقنيات القابلة للارتداء التي تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من تحديد الأشياء الرئيسية وتحسين القدرة على العيش المستقل: في السنوات الأخيرة، تم استكشاف مفهوم دمج ميزات إمكانية النفاذ في النظارات الذكية لتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. يتيح تضمين الكاميرا وشريحة الحوسبة في النظارات الذكية أن تكون هذه النظارات منصة مثالية لتعلم حلول التكنولوجيا المساعدة القائمة على التعرف الضوئي على الأحرف. وتتضمن تقنيات النظارة الذكية مثل Envision و NuEyes و OrCam ميزات مدمجة تعتمد على التعرف الضوئي على الأحرف وتسمح بتحديد المعلومات المستندة إلى الطباعة مثل تواريخ انتهاء صلاحية المنتج وقوائم المطاعم والفواتير المطبوعة. تم تجهيز هذه النظارات أيضًا بإخراج صوتي يسمح بتعليقات خاصة بمعلومات التعرف الضوئي على الأحرف من خلال تحويل النص إلى كلام.
• التقنيات التي تمكن الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية من النفاذ إلى المواد المطبوعة: يشكل النفاذ إلى مواد القراءة التقليدية مثل الكتب والصحف تحديًا للأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية لأنها تتطلب مهارة كافية لأداء المهام مثل تقليب صفحات المستند. وفي مثل هذه الحالات، تتمثل طريقة النفاذ المفضلة في إتاحة مواد القراءة بتنسيق إلكتروني (مثل HTML و PDFوما إلى ذلك). وتسمح حلول التكنولوجيا المساعدة القائمة على التعرف الضوئي على الأحرف مثل OpenBook بإنشاء مستندات بتنسيق إلكتروني من المستندات المطبوعة والنصوص القائمة على الرسومات والصور الممسوحة ضوئيًا.

لقد تقدمت عملية تطوير تقنيات التعرف الضوئي على الأحرف في لغات أخرى مثل العربية بشكل كبير خلال العقد الماضي. وقد سمح ذلك لصناعة التكنولوجيا المساعدة بإنشاء حلول مبتكرة قائمة على التعرف الضوئي على الأحرف ومترجمة باللغة العربية لأن دقة التعرف الضوئي على الأحرف المحسنة تعني نتائج أكثر موثوقية من حلول التكنولوجيا المساعدة. وحاليًا، هناك عدد قليل من الحلول القائمة على التعرف الضوئي على الأحرف والمتاحة تجاريًا باللغة العربية والتي يتمتع بعضها بدقة تصل إلى 96% أو أكثر. وهناك بعض الأمثلة على حلول التعرف الضوئي على الأحرف التي تدعم اللغة العربية وهي كما يلي:

• برنامج صخر للتعرف الضوئي على الأحرف

إن حل “صخر” للتعرف الضوئي على الأحرف قادر على تحديد الخطوط المعقدة (بما في ذلك الكتابة المخطوطة)، والتشكيل وأشكال الأحرف المعتمدة على الموضع والخطوط المتداخلة والخطوط غير القياسية في اللغة العربية. يحول حل صخر للتعرف الضوئي على الأحرف عمليات المسح الضوئي لكل من اللغة العربية واللغات المعتمدة على النص العربي، وهو قادر على التعرف على النص العربي بدقة إخراج تصل إلى 99%.

• أبي فاين ريدر ABBYY FineReader

يعدّ برنامج “أبي فاين ريدر” أحد حلول التعرف الضوئي على الأحرف والذي يتضمن ميزات مثل التحويل الرقمي للمستندات العربية الممسوحة ضوئيًا من خلال تطبيق تخطيطات المستندات الذكية وتحسين الصور والتعرف على الباركود وتكامل سطر الأوامر. ويمكن لبرنامج “أبي فاين ريدر” تحويل محتويات المستندات المطبوعة مباشرة إلى تنسيق مايكروسوفت وورد Microsoft Word أو إكسل Excel أو بي دي إف PDF قابل للتحرير.

• ريد آي آر آي إس ReadIRIS

يقدم برنامج “ريد آي آر آي إس” ReadIRIS معدلًا دقيقًا للتعرف الضوئي على الأحرف باللغة العربية من خلال برنامج التعرف الضوئي على الأحرف. ويدعم محرك التعرف الضوئي على الأحرف استرداد النص من المواد المطبوعة إلى تنسيقات ملفات مختلفة (مثل وورد أو إكسل أو بوربوينت أو بي دي إف). كما يدعم ” ريد آي آر آي إس” رقمنة المستندات الورقية العربية، وبالتالي، يمهد الطريق لحلول التكنولوجيا المساعدة لإنشاء محتوى عربي بتنسيق قابل للنفاذ.

تم استثمار مركز مدى بشكل مستمر لدعم تطوير التكنولوجيا المساعدة بناءً على تقنيات التعرف الضوئي على الأحرف باللغة العربية، حيث يستمر تحقيق ذلك بشكل أساسي من خلال دعم المبتكرين ورواد الأعمال من خلال برنامج مدى للابتكار. ولمركز مدى مساهمة رئيسية من خلال التزامه بدعم تطور تقنية التعرف الضوئي على الأحرف باللغة العربية تتجلى في تطوير “تطبيق قارئ الأموال العربية” الذي يسمح بالتعرف على العملات الورقية بالريال القطري باستخدام كاميرا الهاتف المحمول. كما التزم مركز مدى بدعم رقمنة مواد القراءة باللغة العربية في شكل يسهل النفاذ إليه في جميع أنحاء العالم. ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال التعاون مع شركاء دوليين مثل Bookshare الذي يستضيف واحدة من أكبر منصات مواد القراءة القابلة للنفاذ المصممة للأشخاص الذين لديهم إعاقات وصعوبات في التعامل مع المواد المطبوعة.