من الآلات القارئة للعقل إلى الآلات القارئة للصحة: نحو تشخيص صحي دون تلامس باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي

من الآلات القارئة للعقل إلى الآلات القارئة للصحة: نحو تشخيص صحي دون تلامس باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي

عبد النور حديد

ورقة علمية Online وصول مفتوح | متاح بتاريخ:15 مايو, 2024 | آخر تعديل:15 مايو, 2024

ملفّ PDF نفاذنفاذ 25

الملخص

أظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي (AI) مؤخرًا نتائج مبهرة في مجموعة واسعة من المهام. واستلهامًا من المفهوم الناشئ لآلات قراءة الأفكار ومن الأدلة الطبية التي تشير إلى أن بعض الأمراض والاضطرابات الدماغية تنتج تشوهات في الوجه وتقطع تشكيل تعبيرات الوجه الطبيعية، فإننا نعمل 1) على تأسيس الفهم الأساسي للارتباطات بين الأنماط البصرية والحالات الصحية وذلك بالتفاعل الوثيق مع الممارسين الطبيين و2) تطوير نماذج كمبيوترية جديدة استنادًا إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعلم الارتباطات المحددة. ويعد ابتكار نماذج كمبيوترية للكشف عن التشوهات التي تعكس الأمراض الداخلية استنادًا إلى المعلومات البصرية فقط مشكلة بحثية مثيرة للاهتمام للغاية. والهدف من ذلك هو تحقيق نتائج رائدة في التشخيص الصحي غير المتطفل واكتساب نظرة ثاقبة للعلاقة بين الوجه والجسم والعقل. وينطوي هذا العمل على إمكانية فتح اتجاهات بحثية جديدة في عدة مجالات وسد الفجوة بين الأنشطة البحثية التي تُجرى في عدة تخصصات مثل الهندسة والطب. وتشرح هذه المقالة الفكرة الرئيسية وراء القراءة الصحية غير التلامسية باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

الكلمات المفتاحية: الذكاء الاصطناعي التوليدي، التشخيص الصحي، الرؤية الحاسوبية، التعلم العميق.

1. المقدمة

يهدف عملنا المستوحى من الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى جانب الأدلة الطبية التي تشير إلى وجود علاقة بين أعراض الوجه وبعض الأمراض الباطنية (على سبيل المثال، [1-4]) إلى ابتكار نماذج كمبيوترية للكشف عن العلامات غير الطبيعية التي تعكس الأمراض في هياكل الوجه والتعبيرات التي تظهر على وجه الشخص استنادًا إلى المعلومات البصرية فقط. وهذا من شأنه أن يساعد في تصميم حلول تكنولوجية مستقبلية غير مزعجة للتشخيص والمراقبة الصحية يمكن للناس استخدامها في حياتهم اليومية دون عناء ودون أي تلامس. تخيلوا وجود مرآة “سحرية” في المنزل تراقب قياسات صحتك الفسيولوجية (مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم) بشكل غير ملحوظ وتتعرف على حالاتك العاطفية (مثل الإجهاد والتعب) وتشخص الأمراض المحتملة (مثل السكتة الدماغية الوشيكة أو التهاب الكلى) من خلال مراقبة وجهك فقط أثناء وجودك أمام المرآة للقيام بأنشطة مثل الحلاقة أو تنظيف أسنانك أو غسل وجهك. يمكن لمثل هذه المرآة الطبية “السحرية” على سبيل المثال أن توفر معلومات تغذية راجعة في الوقت الفعلي حول حالتك الصحية وحتى أن تعمل كجهاز مساعد وعلاجي من خلال عرض صورة افتراضية واقعية ثلاثية الأبعاد لوجهك لإشراك التفاعل العاطفي والأنشطة الوقائية. وكمثال ثانٍ تخيلوا طبيبًا يرتدي نظارة “ذكية” يمكنها أن تقدر بشكل خفي آلام حديثي الولادة والمرضى الذين خضعوا للعمليات الجراحية من غير القادرين على التعبير عن تجاربهم المؤلمة.

كان هناك خلال العقد الماضي العديد من جهود البحث والتطوير في مجال أنظمة المراقبة الصحية القابلة للارتداء التي كانت مدفوعة بالحاجة إلى مراقبة الحالة الصحية للشخص خارج المستشفى [5-6]. ومع ذلك فإن معظم التقنيات الحالية للمراقبة الصحية تتطلب عادةً من المستخدمين استخدام أجهزة استشعار ضخمة أو أحزمة صدرية أو أقطاب كهربائية لاصقة. ومن الواضح أن هذا الأمر لا يشجع على الاستخدام المنتظم لأن أجهزة الاستشعار قد تكون غير مريحة أو مزعجة. ولجعل المراقبة الصحية جزءًا من نسيج الحياة اليومية فإننا نعتقد أن هناك حاجة إلى حلول تكنولوجية جديدة مريحة (على سبيل المثال غير جراحية وغير تلامسية) وسهلة الاستخدام وغير مزعجة. إن فكرة استخدام الرؤية الحاسوبية للرعاية الصحية والعافية بدون تلامس تبشر بتحسين مستقبل الرعاية الصحية من خلال تمكين إدارة الصحة الشخصية والعقلية والنشاط بشكل استباقي وغير مزعج. ومن شأن ذلك أن يتيح المراقبة الصحية اليومية طويلة الأمد في المنزل وهو أمر مهم لعلاج وإدارة العديد من الأمراض المزمنة والاضطرابات العصبية ومشاكل الصحة العقلية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والربو واضطراب طيف التوحد والاكتئاب وإدمان المخدرات وغيرها.

من ناحية أخرى، فإن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي يثير بالفعل بعض المخاوف بشأن الحفاظ على الخصوصية واحتمال ظهور أنظمة فائقة الذكاء دون ضمانات كافية. حيث يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي بالفعل أن يكشف عن بيانات صحية حساسة أو ينتج معلومات متحيزة أو غير صحيحة عن غير قصد بسبب التحيزات في بيانات التدريب. علاوة على ذلك، عادةً ما تتطلب النماذج التوليدية كمية كبيرة من البيانات غير المتحيزة عالية الجودة للعمل وهو ما ينقصنا في المجال الطبي. وتشمل القضايا الأخرى التي لا تقل أهمية عن ذلك الوقت المستغرق لتوليد عينات عالية الجودة والقدرة الكمبيوترية الهائلة اللازمة لتدريب النماذج التوليدية. إن كل هذه القضايا تعتبر مهمة ويجب أخذها في الاعتبار للاستفادة الفعالة وضمان الاستخدام المفيد للذكاء الاصطناعي التوليدي.

إن الهدف من هذه المقالة هو شرح الإمكانات والتحديات الرئيسية الكامنة وراء التشخيص الصحي البصري بدون تلامس باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي والإشارة إلى بعض الاتجاهات المستقبلية.

2. الدوافع

يمكن النظر إلى الوجوه على أنها لوحات عاكسة للآليات التي تحكم سلوكياتنا العاطفية وصحتنا (انظر الشكل 1 للاطلاع على الحالات الصحية المحتملة التي يمكن أن تنعكس على الوجه). ويشكل التحليل التلقائي لأنماط الوجه وحركاته بالفعل مجالاً بحثياً بالغ الإثارة (على سبيل المثال، من حيث نشاط عضلات الوجه التي تسبب التغيرات المرئية في تعبيرات الوجه) للمراقبة والتشخيص الطبي. على سبيل المثال، نشر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عملًا رائدًا [6] يشير إلى إمكانية قياس معدل ضربات القلب ومعدل التنفس وتقلب معدل ضربات القلب من صور الوجه التي تم الحصول عليها بواسطة كاميرا الويب في ظل إعدادات مضبوطة. كما أظهر باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا في أبحاث استقصائية أولية نُشرت في مجلة طب الأعصاب المرموقة أن حركات العين يمكن أن تساعد في تشخيص الاضطرابات العصبية مثل مرض باركنسون [1].

قد يكون للعديد من الأمراض الباطنية أعراض على الوجه

الشكل 1  قد يكون للعديد من الأمراض الباطنية أعراض على الوجه.

وعلاوة على ذلك، فإن الأطفال المصابون بالتوحد عادة ما يشتركون في بعض سمات الوجه المتشابهة (مثل اتساع العينين واتساع منطقة الفم واتساع منطقة الوجه العلوية مع قصر المنطقة الوسطى من الوجه مع تسطيح جسر الأنف). وتكون هذه العلامات خفية لدرجة أنها قد لا تكون ملحوظة للعين البشرية ومع ذلك فإنه يمكن تمييزها حسابياً بشكل كبير. لذا، فإن أدوات التشخيص المبكر للأطفال المصابين بالتوحد مهمة لأنها يمكن أن تحسن فرص الطفل في الحصول على علاج ناجح. وتسبب العديد من الأمراض الأخرى أيضًا علامات غير طبيعية في الوجه وتعوق تشكيل تعبيرات الوجه الطبيعية (الشكل 1). وعلى سبيل المثال، إن عدم تناسق الوجه هو إحدى السمات المرتبطة بمشاكل السكتة الدماغية، كما يمكن أن تكون الحلقة البيضاء التي تحيط بالجزء الملون من العين علامة على وجود ترسبات دهنية ناتجة عن ارتفاع الكوليسترول، وعادة ما يكون ارتعاش العين المعروف أيضًا باسم التقلص العضلي ناتجًا عن تقلصات عضلية عشوائية وقد يكون أيضاً ناتجًا عن نقص المغنيسيوم، ويمكن أن يكون تدلي الجفن علامة على الإصابة بسكتة دماغية أو سرطان الرئة أو إجهاد العين أو الإجهاد، أما تشقق الشفاه فينتج أحيانًا عن فقر الدم بسبب نقص الحديد وقد يكون أيضًا علامة على الإصابة بمرض السكري وهكذا.

يمكن من جهة أخرى أن تدل حالات مزمنة مثل الألم والتوتر والقلق والاكتئاب على مجموعة واسعة من المخاطر الفيزيولوجية المرضية منها على سبيل المثال لا الحصر أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الأوعية الدموية الدماغية والسكري ونقص المناعة. ويمكن لحلول التكنولوجيا الجديدة غير المزعجة التي تتعرف تلقائيًا على مثل هذه الحالات من أنماط الوجه وحركاته أن تكون فاعلة للغاية سواء من الناحية التشخيصية أو العلاجية. حيث يمكن أن تساعد هذه التكنولوجيا كأداة تشخيصية الأفراد والأطباء على اكتساب نظرة ثاقبة على أسباب مثل هذه الحالات. أما كأداة علاجية فيمكن استخدامها لبدء التدخلات تلقائيًا. ويكمن التحدي الذي يواجه الجهود المبذولة حاليًا نحو آلات قراءة العقل في الاستدلال على الحالات العقلية المعقدة للمستخدم (بما في ذلك العواطف والحالات الإدراكية والنوايا والمعتقدات والرغبات وتركيز الانتباه) من الإشارات غير اللفظية والسلوكيات الملاحظة.

نحن نهدف إلى وضع أسس استخدام الرؤية الحاسوبية والذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال الرعاية الصحية من خلال 1) إنشاء الفهم الأساسي للعلاقات المتبادلة بين الأعراض البصرية للوجه والحالات الصحية وذلك بالتفاعل الوثيق مع الممارسين الطبيين و2) تطوير نماذج كمبيوترية جديدة ترمز إلى العلاقات المتبادلة التي تم تحديدها. وفي حين ينصب تركيزنا الأساسي على القياسات الصحية التي يمكن أن تنعكس من أنماط الوجه وحركاته فإنه يمكن أيضًا النظر في أجزاء الجسم الأخرى والخصائص السلوكية مثل المشي والإيماءات في الأبحاث الاستقصائية طويلة المدى حيث إن هذه الإشارات تنقل أيضًا إشارات صحية.

وتتركز جهودنا على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي جديدة لحلول تكنولوجية مستقبلية تمكننا من مراقبة صحتنا باستمرار وتتبع تقدمنا في جميع مراحل الحياة والأمراض. إن فكرة استخدام الرؤية الحاسوبية جنباً إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي التوليدي هي فكرة جذابة لأنها تبشر بتمكين إدارة الصحة الشخصية بشكل استباقي وغير تطفلي.

3. التحديات

يُعد الكشف عن العلامات غير الطبيعية في وجه المريض وتعبيراته التي تعكس الأمراض الداخلية بناءً على المعلومات البصرية فقط مشكلة بحثية مثيرة للاهتمام وغير مستكشفة بشكل كافٍ. وتتعلق القضايا الحرجة هنا بتأسيس فهم أساسي للعلاقات المتبادلة بين الأعراض البصرية للوجه والحالات الصحية ومن ثم تطوير نماذج جديدة للذكاء الاصطناعي التي ترمز إلى العلاقات المتبادلة التي تم تحديدها. ونحن هنا بحاجة إلى ابتكار خوارزميات من شأنها تمكين بناء نماذج الذكاء الاصطناعي من البيانات التي تمثل القياسات الصحية والعمليات الفسيولوجية التي تحدث على نطاقات زمنية مختلفة وعبر مجموعة واسعة من الأشخاص والأعمار. ويكمن التحدي الأساسي لتحليل الوجه القائم على الرؤية لأغراض الرعاية الصحية جزئياً في الثراء الهائل لأنماط الوجه والتعقيد الكبير لحركات الوجه على سبيل المثال بسبب عدم جمودها.

ويثير هذا الأمرالعديد من الأسئلة الأساسية مثل: كيف يمكن لأنظمة الرؤية الحاسوبية التفريق بين علامات الأمراض وعلامات الماكياج والتنكر استنادًا إلى المعلومات البصرية فقط؟ ما هي أنواع السمات (مثل اللون أو الملمس أو الحركة أو العمق) الأكثر فعالية لتشخيص مرض معين؟ ما هي مناطق الوجه (مثل الشفاه أو العيون) المرتبطة بأي أمراض؟ ما هي أنواع تكنولوجيا استشعار البيانات (مثل التصوير الحراري أو التصوير ثلاثي الأبعاد) الضرورية للكشف عن حالة شاذة معينة؟ كيف يمكن استنتاج الحالات العقلية المعقدة (مثل التوتر) بكفاءة من التغيرات الطفيفة في الوجه؟ هل يمكن للرؤية الآلية أن تتجاوز القدرات البشرية في التشخيص الصحي البصري؟ كيف يمكن تمكين الرؤية الحاسوبية من التفاعل بشكل أفضل مع العلوم الطبية؟ كيف يمكن تحديد عدد كافٍ من المرضى المصابين بمرض معين لإنشاء مجموعات بيانات تمثيلية ومتوازنة؟ هل يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي المساعدة في إنشاء عينات اصطناعية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي؟ كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي مع الحفاظ على الخصوصية؟ ما هي درجة وطبيعة العلاقة بين الوجه والجسم والعقل؟ كل هذه تحديات تتطلب استكشافاً شاملاً.

لقد أظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي إمكانات هائلة في مختلف المجالات إلا أن طبيعته كثيفة الاستخدام للموارد قد تعيق استخدامه في الوقت الحقيقي وقابليته للتوسع. ففي الواقع تتطلب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي واسعة النطاق موارد كمبيوترية وطاقة كهربائية كبيرة لتشغيلها مما يؤدي إلى ارتفاع استهلاك الطاقة وانبعاثات كربونية كبيرة. وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى تقييد استخدامها في تطبيقات العالم الحقيقي. ومن ثم فإن هناك حاجة إلى بذل جهود مستقبلية لتصميم بنيات جديدة وفعالة قادرة على توليد عينات عالية الجودة في الوقت الفعلي وهو أمر حيوي للمنصات المقيدة كما هو الحال في الحوسبة المتطورة.

ونظرًا لأن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن اعتبارها في مراحلها المبكرة، فإليك بعض التحديات الرئيسية التي لا يزال يتعين معالجتها لضمان قابلية تطبيقها في مجال الرعاية الصحية:

1.3 التعامل مع البيانات الحساسة

تشير البيانات الصحية إلى المعلومات التي تتعلق بالحالة الصحية للشخص. وتعتبر هذه البيانات حساسة للغاية وتخضع لاحتياطات إضافية وقواعد صارمة [7]. ويجب أن تتضمن نماذج الذكاء الاصطناعي تدابير ملائمة تتجاوز استخدام الأسماء المستعارة والتشفير.

2.3 ندرة البيانات

من بين التحديات الرئيسية التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية عدم وجود عينات كافية لتدريب النماذج. وعادةً ما تتطلب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي كمية كبيرة من البيانات عالية الجودة وغير المتحيزة للعمل. وعلى الرغم من أنه يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج بيانات اصطناعية للتدريب إلا أنه يمكن وضع استراتيجيات أخرى لسيناريوهات ذات بيانات محدودة [8].

3.3 الفئات غير المتوازنة

من المشاكل السائدة التي تواجهنا في تطبيقات الرعاية الصحية مشكلة “اختلال توازن الفئات” والتي تشير إلى التفاوت في تواتر العينات الإيجابية (العينات المصابة بمرض معين) مقارنة بالعينات السلبية (العينات غير المصابة بالمرض). ويتطلب تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المستندة إلى البيانات انطلاقاً من مجموعات بيانات غير متوازنة مزيدًا من الاهتمام [9].

4.3 القدرة الكمبيوترية العالية

عادةً ما تكون البنى التحتية الحاسوبية واسعة النطاق ضرورية لصيانة وتطوير النماذج التوليدية [10]. فعلى سبيل المثال قد تتطلب نماذج الانتشار ملايين أو مليارات الصور لتدريبها. وقد تكون هناك حاجة إلى قوة حوسبة هائلة (مجموعات مع مئات من وحدات معالجة الرسومات) لتدريب مجموعات البيانات الضخمة هذه. كما أنه ونظرًا لاتساع نطاق نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي فقد يكون هناك فترة تأخير في الوقت الذي تستغرقه عملية توليد العينة.

4. الاتجاهات

1.4 التحليل متعدد الوسائط

هناك ترابط بين الأعراض البصرية والإشارات الفسيولوجية والحالات الانفعالية وبعض الأمراض الباطنية وينبغي دراستها في إطار متعدد الوسائط [11]. فلا ينبغي على سبيل المثال اعتبار ارتفاع ضغط الدم في ظل الحالة الانفعالية المجهدة تحذيرًا خطيرًا. فمن المهم أيضًا الجمع بين المعلومات التكميلية التي توفرها بيانات أجهزة الاستشعار المختلفة.

2.4 التعاون بين العلوم الطبية الحيوية وعلوم الكمبيوتر

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يقدم حلولاً أنيقة للعديد من التحديات في مجال الرعاية الصحية إلا أنه من الضروري الاعتراف بأن الذكاء الاصطناعي ليس حلاً كاملاً يمكن أن يحل محل الخبرة البشرية. فالهدف من الذكاء الاصطناعي هو دعم الأطباء السريريين لأن العديد من المشاكل تستلزم فهمًا عميقًا للطب الأساسي. وهذا يستدعي اتباع نهج متعدد التخصصات في حدود الرؤية الحاسوبية والطب وعلم الأعصاب وعلم النفس. وهكذا فإن التعاون الوثيق بين الأطباء السريريين والباحثين في جميع هذه التخصصات ضروري جداً.

3.4  الاستشعار خارج نطاق الضوء المرئي

قد يكون للصور المرئية التي يتم الحصول عليها باستخدام الكاميرات التقليدية ثنائية الأبعاد و/أو الطيف المرئي قيود متأصلة تعيق الاستدلال على بعض التفاصيل الصحية المحددة في العالم المرئي [12]. ويتمثل أحد الأساليب الواعدة للتعامل مع هذه القيود في استخدام الصور المكتسبة خارج الطيف المرئي و/أو استخدام التصوير غير التقليدي (مثل العمق).

4.4 النمذجة الفعالة للبيانات

يشكل عدم وجود عينات كافية لتدريب النماذج أحد التحديات الرئيسية في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية. وعادةً ما تتطلب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي كمية كبيرة من البيانات عالية الجودة والمصنفة للعمل. على الرغم من أنه يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج بيانات اصطناعية للتدريب، إلا أنه يمكن أيضًا وضع استراتيجيات أخرى لسيناريوهات ذات بيانات محدودة. ويشمل ذلك التعلّم بالقليل من اللقطات [13]، والتعلّم التحويلي [14]، وتكييف المجال [15] التي توفر إمكانية تحسين أداء الذكاء الاصطناعي عندما تكون البيانات نادرة.

5.4 التعلم الموحد ونمذجة الحفاظ على الخصوصية

غالبًا ما يتم اقتراح التعلم الموحد للتخفيف من المخاوف بشأن خصوصية المريض [16]. ويعد التعلم المتحد نهجاً تعاونياً لتدريب نماذج التعلم الآلي ولا يتطلب تبادل البيانات من أجهزة العميل (على سبيل المثال المستشفى) إلى الخوادم العالمية. ويمكن استخدام البيانات الأولية على أجهزة العقد الطرفية للذكاء الاصطناعي لتدريب نموذج محلي مما يزيد من خصوصية البيانات. وبعدها يشارك كل جهاز طرفي معلمات النموذج الخاص به “لإعادة بناء” النموذج النهائي في الخادم.

6.4 النمذجة القابلة للتفسير والجديرة بالثقة

يعد انعدام الشفافية من بين العوائق التي تحول دون استخدام الذكاء الاصطناعي في كل مكان في مجال الرعاية الصحية [17]. ويحتاج الناس لتعزيز ثقتهم به إلى فهم كيفية عمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ويجب أن يثق الأطباء بالفعل في أنظمة الذكاء الاصطناعي. كما تتمثل إحدى الخطوات نحو الوصول إلى الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة في تطوير ذكاء اصطناعي قابل للتفسير من قبل الإنسان. ويهدف هذا الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير إلى تصميم نماذج قادرة على توليد قرارات يمكن للإنسان فهمها وتفسيرها مما سيعزز الثقة في نماذج الذكاء الاصطناعي.

5. الخاتمة

يعد دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي بنقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية. ولكن مع كل ابتكار جديد تظهر الشكوك. إن تطوير النماذج التوليدية في مجال الرعاية الصحية قد يثير بالفعل مخاوف بشأن حماية الخصوصية واحتمال ظهور آلات فائقة الذكاء دون ضمانات كافية. حيث يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يكشف عن غير قصد عن بيانات حساسة أو ينتج معلومات غير صحيحة بسبب التحيزات في بيانات التدريب.

علاوة على ذلك، عادةً ما تتطلب النماذج التوليدية كمية كبيرة من البيانات عالية الجودة وغير المتحيزة للعمل. وهناك مشاكل أخرى تتعلق بوقت الاستجابة لتوليد عينات عالية الجودة وقوة الحوسبة الهائلة اللازمة لتدريب النماذج التوليدية. وهكذا وفي النهايةهل يمكننا حقًا الوثوق بنتائج نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لاتخاذ قرارات تشغيلية حاسمة في مجال الرعاية الصحية؟ إن هذا الأمر يستدعي أن تكون أبحاث الذكاء الاصطناعي التوليدي قابلة للتفسير والفهم من قبل الإنسان وجديرة بالثقة.

في الختام، إنه لمن المؤكد أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيلعب دورًا محوريًا في مستقبل الرعاية الصحية. فهو أداة قوية يمكن أن تغير الطريقة التي نفسر بها بيانات الرعاية الصحية ونفهمها. وعلى الرغم من وجود تحديات يجب التغلب عليها إلا أن الفوائد المحتملة تفوق بكثير العقبات.

شكر وتقدير

اعترف هنا بدعم شركة توتال إنرجي بالكامل. عبد النور حديد (أستاذ، كرسي الصناعة في مركز السوربون للذكاء الاصطناعي، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة) ممول من اتفاقية تعاون بين توتال إنيرجيز وجامعة السوربون أبوظبي.

 

المراجع

[1] Tseng, P., Cameron, I. G. M., Pari, G., Reynolds, J. N., Munoz, D. P., and Itti, L. High-throughput classification of clinical populations from natural viewing eye movements. Journal of Neurology 260 (Jan 2013), 275-284.

[2] J. Thevenot, M. B. López and A. Hadid, “A Survey on Computer Vision for Assistive Medical Diagnosis from Faces,” in IEEE Journal of Biomedical and Health Informatics, vol. 22, no. 5, pp. 1497-1511, Sept. 2018, doi: 10.1109/JBHI.2017.2754861.

[3] N. Kour, Sunanda and S. Arora, “Computer-Vision Based Diagnosis of Parkinson’s Disease via Gait: A Survey,” in IEEE Access, vol. 7, pp. 156620-156645, 2019, doi: 10.1109/ACCESS.2019.2949744.

[4] M. Rajnoha, J. Mekyska, R. Burget, I. Eliasova, M. Kostalova and I. Rektorova, “Towards Identification of Hypomimia in Parkinson’s Disease Based on Face Recognition Methods,” 2018 10th International Congress on Ultra Modern Telecommunications and Control Systems and Workshops (ICUMT), Moscow, Russia, 2018, pp. 1-4, doi: 10.1109/ICUMT.2018.8631249.

[5] Pantelopoulos, A., and Bourbakis, N. G. “A survey on wearable sensor-based systems for health monitoring and prognosis“. IEEE Transactions on Systems, Man, and Cybernetics, Part C 40, 1 (Jan. 2010), 1-12.

[6] Poh, M.-Z., McDuff, D., and Picard, R. W. “Advancements in noncontact, multiparameter physiological measurements using a webcam“. IEEE Transactions on Biomedical Engineering 58, 1 (2011), 7-11.

[7] Murdoch, B., “Privacy and artificial intelligence: challenges for protecting health information in a new era“.  BMC Med Ethics 22, 122 (2021).

https://doi.org/10.1186/s12910-021-00687-3

[8] Alzubaidi, L., Bai, J., Al-Sabaawi, A. et al. “A survey on deep learning tools dealing with data scarcity: definitions, challenges, solutions, tips, and applications“. J Big Data 10, 46 (2023). https://doi.org/10.1186/s40537-023-00727-2

[9] Johnson, J.M., Khoshgoftaar, T.M. “Survey on deep learning with class imbalance“. J Big Data 6, 27 (2019). https://doi.org/10.1186/s40537-019-0192-5

[10] Albert Reuther, Peter Michaleas, Michael Jones, Vijay Gadepally, Siddharth Samsi, Jeremy Kepner, “AI and ML Accelerator Survey and Trends2022 IEEE High Performance Extreme Computing (HPEC) Conference, https://arxiv.org/abs/2210.04055

[11] Bayoudh, K., Knani, R., Hamdaoui, F. et al. “A survey on deep multimodal learning for computer vision: advances, trends, applications, and datasets“. Visual Computing 38, 2939–2970 (2022). https://doi.org/10.1007/s00371-021-02166-7

[12] Berg, Amanda. (2019). “Learning to Analyze what is Beyond the Visible Spectrum“. 10.3384/diss.diva-161077.

[13] Yaqing Wang, Quanming Yao, James Kwok, Lionel M. Ni, “Generalizing from a Few Examples: A Survey on Few-Shot Learninghttps://arxiv.org/abs/1904.05046

[14] Abu Sufian, Anirudha Ghosh, Ali Safaa Sadiq, Florentin Smarandache, “A Survey on Deep Transfer Learning to Edge Computing for Mitigating the COVID-19 Pandemic“, Journal of Systems Architecture, Volume 108, 2020.

[15] Garrett Wilson, Diane J. Cook, “A Survey of Unsupervised Deep Domain Adaptation“, ACM Transactions on Intelligent Systems and Technology, Volume 11Issue 5Article No.: 51, pp 1–46, 2020

[16] Rieke, Nicola; Hancox, Jonny; Li, Wenqi; Milletarì, Fausto; Roth, Holger R.; Albarqouni, Shadi; Bakas, Spyridon; Galtier, Mathieu N.; Landman, Bennett A.; Maier-Hein, Klaus; Ourselin, Sébastien; Sheller, Micah; Summers, Ronald M.; Trask, Andrew; Xu, Daguang; Baust, Maximilian; Cardoso, M. Jorge (14 September 2020). “The future of digital health with federated learning“. npj Digital Medicine. 3 (1): 119. https://arxiv.org/abs/2003.08119

[17] Aniek F. Markus, Jan A. Kors, Peter R. Rijnbeek, “The role of explainability in creating trustworthy artificial intelligence for health care: A comprehensive survey of the terminology, design choices, and evaluation strategies“, Journal of Biomedical Informatics, Volume 113, 2021.

Share this