القيادة الآمنة للصم (SafeDrive4Deaf): دراسة متعددة الأساليب حول الوعي الصوتي في حالات الطوارئ واحتياجات التكنولوجيا المساعدة للسائقين الصم وضعاف السمع
ورقة علمية وصول مفتوح |
متاح بتاريخ:16 سبتمبر, 2025 |
آخر تعديل:16 سبتمبر, 2025
الملخص:
غالبًا ما يواجه السائقون الصم وضعاف السمع صعوبات في التقاط صوت صفارات سيارات الطوارئ وغيرها من الإشارات السمعية المهمة أثناء القيادة مما يشكل خطراً على السلامة الشخصية والعامة. وتستكشف هذه الدراسة هذه التحديات وتُقيّم التأثير المحتمل لجهاز التكنولوجيا المساعدة (SafeDrive4Deaf) المصمم لتعزيز الوعي الظرفي من خلال التنبيهات البصرية والاتجاهية. فقد قمنا باستخدام نهج متعدد الأساليب لجمع البيانات من 25 سائقًا أصمًا وضعيف السمع تتراوح أعمارهم بين 25 و61 عامًا بما في ذلك 15 مشاركًا من تونس و10 من ألمانيا. وقد أكمل المشاركون استبيانات منظمة ومقابلات شبه منظمة تغطي البيانات الديموجرافية وتجربة القيادة ومدى الراحة في استخدام التكنولوجيا والتقاط أصوات الطوارئ. وقد أبلغ جميع المشاركين عن صعوبات في اكتشاف سيارات الطوارئ بغض النظر عن خبرتهم في القيادة والتي تراوحت بين 5 و40 عامًا كما عبروا عن حاجتهم إلى أنظمة تنبيه مطورة. وبينما أفاد 52% من السائقين بأنهم قد شعروا براحة تامة في استخدام التكنولوجيا فقد أشار 40% منهم إلى عدم ارتياحهم للقيام بذلك مما يُبرز الحاجة إلى تصميم شامل وسهل الاستخدام لهذه التكنولوجيا. وتُؤكد النتائج على ضرورة حلول القيادة المساعدة مثل (SafeDrive4Deaf) التي تُعنى بالسلامة وسهولة النفاذ من خلال نهج مُراعي للمجتمع. وتدعم هذه النتائج التطوير المُستمر والاختبار التجريبي للتحقق من فعالية الجهاز في ظروف القيادة الواقعية.
الكلمات المفتاحية: السائقون الصم، اكتشاف مركبات الطوارئ، التكنولوجيا المُساعدة، السلامة على الطرق، النفاذ الرقمي، التصميم الشامل.
2. المقدمة
لا تزال السلامة المرورية تشكل مصدر قلق بالغ في جميع أنحاء العالم مع التحديات التي يواجهها السائقون ذوو الإعاقات الحسية (Chemnad & Othman, 2024). رغم أن الأفراد الصم وضعاف السمع يشكلون نسبة كبيرة من السائقين إلا أن تحدياتهم واحتياجاتهم الفريدة في مجال سلامة السيارات لم تحظَ باهتمام بحثي كافٍ. حيث توجد تحديات كبيرة أمام هذه الفئة تشمل القدرة على اكتشاف مركبات الطوارئ والاستجابة لإشارات التحذير السمعية والتعامل مع مواقف المرور المعقدة (Lopez et al., 2025).
لقد شهدت السنوات الأخيرة تسارعاً في مجال تطوير حلول التكنولوجيا المساعدة لتطبيقات السيارات وكان هذا التسارع مدفوعًا بالتقدم المحرز في مجال تكنولوجيا الاستشعار والذكاء الاصطناعي والتفاعل بين الإنسان والحاسوب. ومع ذلك فإن العديد من الحلول الحالية تركز بشكل أساسي على مساعدة السائق بشكل عام بدلاً من تلبية الاحتياجات الخاصة للسائقين الصم وضعاف السمع. وقد شكلت هذه الفجوة في مجال تطوير التكنولوجيا المساعدة المستهدفة حافزاً لتطوير نظام القيادة الآمنة للصم (SafeDrive4Deaf) وهو نظام تنبيه متخصص مصمم لتعزيز السلامة المرورية للسائقين الصم (Beha, 2022).
وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل شامل للتحديات التي يواجهها السائقون الصم وضعاف السمع وتقييم أنماط استخدامهم الحالية للتكنولوجيا وتقييم الأثر المحتمل ومتطلبات التصميم لجهاز التكنولوجيا المساعدة (SafeDrive4Deaf) المدعوم من قبل برنامج مدى للابتكار (Al Thani et al., 2019). ومن خلال استخدامنا لنهج متعدد الأساليب يجمع بين المسوحات الكمية والمقابلات النوعية فإننا نسعى إلى تقديم توصيات قائمة على الأدلة لتحسين السلامة على الطرق وإمكانية النفاذ لهذه الفئة المهمشة.
2. الخلفية ومراجعة الأدبيات
2.1. التحديات التي يواجهها السائقون الصم
يواجه السائقون الصم وضعاف السمع العديد من التحديات الفريدة التي تميز تجربة قيادتهم عن السائقين الآخرين:
قيود الوعي الحسي
يعتمد السائقون الصم بشكل كبير على المدخلات البصرية للوعي بالمواقف التي تصادفهم وغالبًا ما يغفلون عن الإشارات السمعية المهمة مثل أبواق المركبات وصافرات الإنذار والأصوات البيئية التي تشير إلى مخاطر محتملة أو حالات طارئة تتطلب رد فعل فوري. ويمكن أن يُسهم هذا الاعتماد البصري المتزايد في زيادة العبء المعرفي لا سيما في سيناريوهات المرور المعقدة مما قد يزيد من أوقات الاستجابة ومخاطر الحوادث (Engelman, 2012). وتستطيع سياسة السلامة العامة معالجة هذه القيود من خلال فرض تعديلات على البنية التحتية مثل التنبيهات البصرية المدمجة مع أنظمة صفارات الإنذار مما يعزز الوعي بمختلف المواقف من خلال إشارات ضوئية متزامنة مع صفارات الإنذار عند التقاطعات والمناطق عالية الخطورة.
عوائق التواصل
يمكن أن تُشكّل عمليات التفاعل مع السائقين الآخرين والمشاة وأفراد إنفاذ القانون تحديات تواصلية كبيرة لا سيما في حالات الطوارئ أو الحالات العاجلة التي تتطلب تواصلًا لفظيًا سريعًا. ويمكن أن يتسبب سوء الفهم الناتج عن هذه الفجوات في التواصل في جعل المواجهات الروتينية تتطور إلى حوادث خطيرة (Miranda et al., 2022). وهنا فإنه من الممكن التقليل من هذه المخاطر بشكل كبير من خلال السياسات التي تُشجّع على بروتوكولات موحدة للتواصل غير اللفظي وتدريب أفراد إنفاذ القانون على تقنيات تفاعل فعّالة مع السائقين الصم.
اكتشاف مركبات الطوارئ
يُمثّل اكتشاف مركبات الطوارئ تحديًا بالغ الأهمية حيث لا يستطيع السائقون الصم الاعتماد على الإشارات السمعية التقليدية مثل صفارات الإنذار. كما يمكن أن يُؤثّر التنبه المتأخر والاستجابة اللاحقة على عمليات الطوارئ مما يُشكّل مخاطر كبيرة على السلامة العامة (Choudhury & Nandi, 2023). ويمكن أن تُخفّف تعديلات البنية التحتية من هذه التحديات بشكل كبير مثل توفير أنظمة التنبيه المرئية مثل الأضواء الوامضة المُتزامنة مع صفارات الإنذار في تقاطعات المرور أو توفير أنظمة ردود الفعل اللمسية في المركبات لتنبيه السائقين لمركبات الطوارئ القريبة. كما يمكن تعزيز فعالية جهود الاستجابة للطوارئ وتوفير بيئات قيادة أكثر أمانًا للأفراد الصم وضعاف السمع من خلال السياسات التي تدعو إلى التوفير الإلزامي لأنظمة التنبيه الطارئة البصرية واللمسية في البنية التحتية لحركة المرور في المناطق الحضرية.
2.2. حلول التكنولوجيا المساعدة الحالية
لقد شهدت صناعة السيارات تطورات ملحوظة يأتي على رأسها الكبح التلقائي في حالات الطوارئ واكتشاف النقاط العمياء وتحذيرات تغيير المسار وأنظمة تثبيت السرعة التكيفية. ومع ذلك فإن اعتماد العديد من هذه التقنيات على التنبيهات السمعية يُقلل من فائدتها للسائقين الصم. وتُبرز هذه الفجوة الحاجة المُلحة لممارسات تصميم شاملة تُركز على توفير التغذية الراجعة البصرية واللمسية. كما يُمكن للوائح السلامة العامة تعزيز الابتكار من خلال تحفيز المُصنّعين على تطوير واعتماد أنظمة تغذية راجعة متعددة الوسائط مما يضمن استفادة السائقين الصم وضعاف السمع من هذه التكنولوجيا على حد سواء مما يُعزز السلامة الشاملة على الطرق.
3. المنهجية
3.1. تصميم الدراسة
اعتمدت هذه الدراسة نهجًا مُختلطًا يجمع بين المسوحات الكمية والمقابلات النوعية للحصول على فهم شامل وعميق لتجارب القيادة لدى الصم وضعاف السمع. وقد صُمم هذا البحث خصيصًا لتلبية احتياجات وتفضيلات التواصل الفريدة لدى الفئة المستهدفة.
3.2. المشاركون
تألفت عينة الدراسة من 25 سائقًا من الصم وضعاف السمع تتراوح أعمارهم بين 25 و61 عامًا بمتوسط عمر 41 عامًا. وقد تم اختيار المشاركون من بلدين هما تونس (15، 60٪) وألمانيا (10، 40٪) وقد استوفى جميعهم معايير المشاركة المتمثلة في تعريف أنفسهم بأنهم صم أو ضعاف السمع ولديهم خبرة قيادة منتظمة ورخصة قيادة سارية المفعول. ومن الجدير بالذكر أن 100٪ من المشاركين أكدوا امتلاكهم لرخص قيادة سارية المفعول.
3.3. استبيانات منظمة كطريقة لجمع البيانات
تم طرح استبيانات منظمة على جميع المشاركين وقد شملت مجموعة من المجالات بما في ذلك البيانات الديموجرافية (العمر، الجنسية، بلد الإقامة) وحالة رخصة القيادة وسنوات الخبرة وبيئات القيادة المفضلة ومعدل تكرار القيادة ومستوى الراحة عند استخدام التكنولوجيا والاستخدام الحالي للأجهزة المساعدة. كما استكشف الاستبيان تجارب المشاركين في مجال الوعي الصوتي في حالات الطوارئ واستراتيجيات التأقلم التي يستخدمونها بالإضافة إلى تحديات القيادة المحددة ومخاوف السلامة. وطُلب من المشاركين تقديم ملاحظاتهم حول مفهوم جهاز (SafeDrive4Deaf) المقترح. وقد أُجريت مقابلات شبه منظمة للمتابعة مع مشاركين مختارين بهدف إثراء البيانات الكمية. حيث وفرت هذه المقابلات فهمًا أعمق لإجابات كل مشارك على حدة مما سمح له بشرح تجاربه الشخصية في القيادة وتقديم معلومات أكثر تفصيلًا حول احتياجاته وتفضيلاته التكنولوجية.
3.4. تحليل البيانات
تم استخدام نهج تحليلي شامل لتفسير البيانات المُجمعة من خلال الاستبيانات والمقابلات. وقد تضمن التحليل الكمي استخدام الإحصاءات الوصفية لتلخيص المعلومات الديموجرافية ومستويات الراحة عند استخدام التكنولوجيا وأنماط القيادة. أما البيانات النوعية التي تم الحصول عليها من إجابات الاستبيانات المفتوحة ونصوص المقابلات فقد تم تحليلها موضوعيًا باستخدام الترميز الاستقرائي لتحديد المشكلات والتفضيلات والأفكار المتكررة. كما تم تصنيف الملاحظات بشكل منهجي حسب المواضيع الرئيسية بما في ذلك تحديات القيادة ومستويات الراحة عند استخدام التكنولوجيا والميزات المطلوبة للأجهزة المساعدة. وتم أيضاً إجراء تحليل متبادل لدمج الاتجاهات الكمية مع السرديات النوعية مما أتاح فهمًا شاملًا لاحتياجات المشاركين وتجاربهم. وأخيرًا تم تنفيذ عملية تحقق من آراء المشاركين من خلال تدقيق ملاحظاتهم مما يضمن دقة الأفكار الناشئة وأثرها المباشر على تصميم جهاز (SafeDrive4Deaf).
النتائج
4.1. الخصائص الديموجرافية للمشاركين
التوزيع العمري
شارك في الدراسة مجموعة متنوعة من 25 فرداً من الصم بهدف تقديم مجموعة واسعة من الرؤى حول تجارب القيادة لدى الصم وضعاف السمع. حيث قدّم المشاركون الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و61 عامًا منظوراً يغطي أجيال مختلفة حول القيادة كأفراد صم.
ويبلغ متوسط عمر المشاركين في الدراسة 41 عامًا مما يعني أن نصف المشاركين أصغر من 41 عامًا والنصف الآخر أكبر سنًا مما يوفر عينة متوازنة من تجارب القيادة المختلفة حسب العمر ضمن مجتمع الصم وضعاف السمع.
الشكل 1. توزيع الأعمار
بلد الإقامة
شملت الدراسة 15 مشاركًا من تونس و10 من ألمانيا، مما وفّر تمثيلًا متوازنًا من سياقين جغرافيين وثقافيين مختلفين. قدّم هذا التوزيع رؤىً متنوعة حول تجارب القيادة والتحديات التي تواجهها واحتياجات التكنولوجيا المساعدة لمجتمعات الصم وضعاف السمع في كلتا المنطقتين مما أغنى نتائج الدراسة من خلال توفير منظورات ثقافية متداخلة.
الشكل .2 بلد الإقامة
بيئة القيادة
أفاد 19 من أصل 25 مشاركاً أنهم يقودون سياراتهم بشكل رئيسي في المناطق الحضرية بينما كان 6 منهم يقيمون في المناطق الريفية. ويوضح كون أغلبية السائقين يقودون في المناطق الحضرية التحديات الخاصة في مختلف السياقات مثل التنقل وسط حركة المرور الكثيفة ومواجهة مركبات الطوارئ بشكل متكرر وهي عوامل تؤكد الحاجة إلى أدوات مطورة للوعي الظرفي. وقد كان جميع المشاركين يحملون رخص قيادة سارية المفعول مما يؤكد مشاركتهم النشطة في أنشطة القيادة الاعتيادية.
الشكل 3. بيئة القيادة الاعتيادية للمشاركين
مستوى الراحة عند استخدام التكنولوجيا
عبّر المشاركون عن مستويات متفاوتة من الراحة عند استخدام التكنولوجيا الجديدة: فقد أفاد 13 مشاركًا بأنهم مرتاحون جدًا بينما أفاد 10 مشاركين بأنهم غير مرتاحين بينما شعر مشاركان براحة نسبية. ويُبرز هذا الأمر أهمية ضمان تصميم جهاز (SafeDrive4Deaf) ليكون سهل الاستخدام للغاية وقابل للنفاذ بحيث يراعي المستخدمين من ذوي المستويات المختلفة من المعرفة والثقة بالتكنولوجيا.
الشكل4. مستوى الراحة عند استخدام التكنولوجيا
معدل ممارسة القيادة
تباينت معدلات ممارسة القيادة بين المشاركين بشكل كبير حيث أفاد 8 أشخاص أنهم يمارسون القيادة يومياً و8 آخرون عدة مرات أسبوعيًا واثنان يقودان مرة كل أسبوع و7 أقل من ذلك. ويُبرز هذا التنوع في عادات القيادة ضرورة أن يكون جهاز (SafeDrive4Deaf) قابلًا للتكيف وفعالًا في مختلف أنماط الاستخدام مما يضمن تلبية احتياجات السائقين الذين يمارسون القيادة بشكل متكرر وأولئك الأقل ممارسة للقيادة من مجتمع الصم وضعاف السمع.
الشكل5. معدل ممارسة القيادة
سنوات الخبرة في القيادة
امتلك المشاركون في الدراسة خبرة قيادة واسعة تراوحت بين 5 و40 عامًا مما يعكس مجموعة متنوعة ذات رؤى واحتياجات متباينة. حيث تمتع عدد كبير من المشاركين بخبرة قيادة تزيد عن 20 عامًا مما قدّم وجهات نظر قيّمة حول الواقع طويل الأمد لقيادة الأشخاص الصم أو ضعاف السمع. كما وفر إشراك السائقين الجدد الذين تتراوح خبرتهم بين 5 و10 سنوات ضمانة بأن ترصد الدراسة أيضًا التحديات الفريدة ومنحنيات التعلم التي يواجهها الحاصلون على رخص القيادة حديثًا مما ساهم في فهم شامل لتجارب القيادة في المجتمع.
الشكل 6. سنوات الخبرة في القيادة
4.2. النتائج الرئيسية
التحليل الموضوعي
استخدم التحليل الموضوعي الذي أُجري في هذه الدراسة نهج الترميز الاستقرائي لتحديد وتصنيف الميزات والتحسينات المطلوبة في وسائل مساعدة السائقين الصم وضعاف السمع بشكل منهجي. وشملت المواضيع الرئيسية التي برزت في هذا السياق التنبيهات البصرية لاكتشاف مركبات الطوارئ والتعرف على إشارات المرور وتوجيه السائق وميزات التحويل السمعي إلى بصري أو لمسي مثل تحويل تنبيهات صفارات الإنذار إلى بصرية وصوت البوق إلى منبه لمسي وآليات التغذية الراجعة اللمسية المدمجة في المقاعد أو عجلات القيادة والتكامل السلس مع أنظمة المركبات الحالية عبر توافق الهواتف الذكية وأنظمة المعلومات والترفيه. كما تم تسليط الضوء على مواضيع مهمة أخرى مثل سهولة الاستخدام من خلال واجهات مبسطة ومتطلبات إعداد بسيطة وسهولة الحمل التي توفرها الأجهزة القابلة للارتداء وقابلية النقل بين المركبات وتحسينات إمكانية النفاذ بما في ذلك دعم الملاحة بلغة الإشارة والقدرة على تحمل التكاليف من خلال حوافز التأمين أو الأسعار المدعومة. كما برزت الموثوقية والمتانة كجوانب أساسية بما في ذلك التنبيهات القابلة للتعديل والإعدادات الشخصية والإدارة الفعالة للطاقة والتصميم المقاوم للعوامل الجوية. وقد ساهم هذا الإطار الموضوعي الشامل بشكل مباشر في ضمان التطوير المستمر وتحسين التكنولوجيا المساعدة لنظام (SafeDrive4Deaf) (الشكل 7).
الشكل7. التحليل الموضوعي
التحديات الرئيسية
طرح المشاركون العديد من المخاوف الأمنية الحرجة التي تؤثر على تجربة قيادتهم كأشخاص صم أو ضعاف سمع. وقد أفاد جميع المشاركين (100%) بصعوبات في رصد مركبات الطوارئ القريبة مما يُبرز وجود تحدٍّ عام في مجال الوعي الصوتي في حالات الطوارئ. كما واجه الكثيرون عقبات كبيرة في إدراك الإشارات السمعية الأساسية الأخرى مثل أبواق السيارات وصفارات الإنذار نظرًا لقيود أنظمة سلامة المركبات الحالية التي تعتمد بشكل أساسي على التنبيهات الصوتية. بالإضافة إلى ذلك ذُكرت عوائق التواصل بشكل متكرر لا سيما أثناء التفاعل مع جهات إنفاذ القانون والسائقين الآخرين والمشاة مما يؤدي غالبًا إلى مواقف مُرهقة أو غامضة. وقد أدى الاعتماد على الإشارات البصرية للتوجيه والوعي إلى زيادة العبء المعرفي بشكل كبير مما تطلب يقظة دائمة والقدرة على أداء مهام متعددة. كما فاقمت الوصمة الاجتماعية هذه التحديات حيث أثرت المفاهيم الخاطئة الشائعة حول قدرات السائقين الصم سلبًا على ثقتهم بأنفسهم وشعورهم بالاستقلالية. وتُؤكد هذه النتائج الحاجة المُلحة إلى تكنولوجيا شاملة ومتعددة الحواس لدعم القيادة مثل (SafeDrive4Deaf).
الشكل 8. ملخص المخاوف بشأن الجهاز
الاستخدام الحالي للتكنولوجيا المساعدة
أفاد المشاركون بتنوع استخداماتهم لحلول التكنولوجيا المساعدة الحالية بما في ذلك:
أ. أفاد المشاركون باستخدامهم المنتظم للعديد من تقنيات المركبات الشائعة التي تدعم سلامة القيادة وراحتها. وشملت هذه التقنيات أنظمة الكبح التلقائي في حالات الطوارئ واكتشاف النقاط العمياء وأنظمة الملاحة المزودة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ومساعدة ركن السيارة ومثبت السرعة. كما يشير الإلمام بهذه الحلول التكنولوجية إلى استعداد العديد من السائقين لاستخدام أنظمة مساعدة إضافية مثل (SafeDrive4Deaf) خاصةً عندما تتوافق مع عادات القيادة الحالية وتعزز السلامة دون زيادة العبء المعرفي على المستخدم.
ب. أبرز المشاركون العديد من الثغرات التقنية الحرجة التي تؤثر على سلامتهم وتجربتهم في القيادة وذلك على الرغم من استخدام حلول تكنولوجية قياسية مختلفة للمركبات. وتشمل هذه الثغرات القدرات المحدودة للتنبيهات البصرية للإشارات السمعية المهمة وغياب أنظمة التغذية الراجعة اللمسية لتعزيز الوعي بالموقف الحالي وضعف تصميم إمكانية النفاذ بشكل عام في الأنظمة الحالية. وكان من أبرز المخاوف عدم كفاية قدرة التكنولوجيا الحالية على اكتشاف وتنبيه السائقين باقتراب مركبات الطوارئ منهم. كما رأى العديد من المشاركين أن واجهات المستخدم الحالية معقدة للغاية مما يشكل تحديات لمن لديهم مستويات أقل من الراحة عند استخدام التكنولوجيا. وتؤكد هذه الفجوات على الحاجة إلى حلول شاملة ومرنة ومتعددة الحواس مثل جهاز (SafeDrive4Deaf).
ملاحظات حول جهاز (SafeDrive4Deaf)
قدّم المشاركون ملاحظات إيجابية حول مفهوم جهاز (SafeDrive4Deaf) معربين عن اهتمامهم الكبير بأنظمة التنبيه البصرية واللمسية المصممة خصيصًا لتعزيز اكتشاف مركبات الطوارئ. وكان هناك تقدير واسع لنهج التصميم الذي يركز على المستخدم وإدراك كبير لفوائد السلامة المُحتملة التي يُمكن أن يُقدّمها الجهاز. كما أيّد العديد من المشاركين فكرة دمج النظام مع تقنيات المركبات الحالية لضمان سلاسة الأداء. وقد قدّم المشاركون أيضاً اقتراحات بناءة لتطوير الجهاز شملت تبسيط واجهة المستخدم لاستيعاب المستويات المُختلفة من الراحة عند استخدام التكنولوجيا وتمكين إعدادات تنبيه قابلة للتخصيص تُناسب التفضيلات الفردية وتعزيز التكامل مع تطبيقات الهواتف الذكية لزيادة سهولة النفاذ. كما كان هناك اهتمام بتطوير نظام تغذية راجعة متعدد الوسائط يجمع بين الإشارات البصرية واللمسية والمُحسّنة بالإضافة إلى دعوات لاستراتيجيات تنفيذ فعّالة من حيث التكلفة لضمان إمكانية النفاذ والنطاق الواسع للاستخدام.
5. الابتكار: القيادة الآمنة للصم (SafeDrive4Deaf)
5.1. بنية النظام
إن جهاز (SafeDrive4Deaf) هو ملحق للسيارة متصل بمنفذ (USB) يقوم بمراقبة البيئة المحيطة. ويوفر هذا الجهاز معلومات بصرية بمجرد تمييزه للإشارات الصوتية مثل صفارات سيارات الطوارئ وأبواق القطارات وأبواق السيارات أو تنبيهات السيارات القياسية.
- التمثيل الواسع: بما يضمن أن تكون نتائج المشروع ذات صلة للمستخدمين ومفيدة لمجتمع الصم ككل وليس فقط لفئة معينة منه.
- تعزيز موثوقية النتائج: إن تنوع المشاركين يزيد من درجة موثوقية نتائج المشروع وقابليتها للتعميم.
- يوظف البحث مجموعة واسعة من الخبرات ويراعي الاختلافات في عادات القيادة واستخدام التكنولوجيا واحتياجات النفاذ للصم.
- ضمان ممارسات البحث الأخلاقية: يدعم لبحث المعايير الأخلاقية من خلال ضمان استفادة جميع شرائح المجتمع منه.
يوظف تصميم جهاز (SafeDrive4Deaf) الأجهزة والبرامج معًا لاكتشاف صفارات الإنذار بدقة وتنبيه السائقين الصم. ويبدأ النظام عمله من خلال وضع أربع ميكروفونات حول السيارة لالتقاط إشارات الصوت المحيطة والتي تتم معالجتها بعد ذلك من خلال وحدة معالجة صوتية. ويتم توفير بيانات صوتية مستمرة لمدة 3 ثوانٍ مما يغذي البيانات إلى نموذج الشبكة العصبية التلافيفية (CNN). ثم يحلل نموذج التعلم العميق هذا الصوت لتحديد احتمالية وجود صفارة إنذار. وتتم مقارنة ناتج الاحتمالية مع عتبة محددة مسبقًا لتوليد نتيجة منطقية (“1” للكشف عن صفارة إنذار، “0” لعدم وجود صفارة إنذار). ويرسل البرنامج في حالة اكتشاف صفارة إنذار أمرًا إلى مخرج (GPIO) والذي بدوره يقوم بعرض رسالة مرئية على وحدة العرض ويُنبه السائق بإشارة “تم اكتشاف صفارة إنذار”. ويضمن هذا النهج المتكامل اكتشاف صفارات الإنذار في الوقت الفعلي ويوفر تغذية راجعة بصرية فورية للمستخدم مما يعزز الوعي الظرفي وسلامة السائقين الصم على الطريق.
الشكل 9. بنية النظام
5.2. دقة الخوارزمية
تعتمد فعالية جهاز (SafeDrive4Deaf) بشكل كبير على دقة خوارزمية كشف الصوت المصممة لاكتشاف صفارات الإنذار وسط الضوضاء الخلفية. ويُعد أداء الخوارزمية عاملاً حاسماً في ضمان موثوقية التنبيهات وتعزيز سلامة السائقين الصم. ويوضح هذا القسم إجراءات الاختبار ومعايير التقييم ونتائج دقة الخوارزمية في سيناريوهات واقعية مختلفة.
منهجية الاختبار
تم اختبار النظام لتقييم دقة خوارزمية اكتشاف الأصوات باستخدام مجموعة من العينات الصوتية التي تمثل ظروفاً بيئية مختلفة. وتضمنت هذه العينات:
- العينة رقم 1: صفارة إنذار خافتة ممزوجة ببعض الضوضاء البيضاء.
- العينة رقم 2: صفارة إنذار في بيئة حضرية صاخبة مع أصوات حركة مرور.
- العينة رقم 3: صفارة إنذار مع ضوضاء خلفية تشمل أصوات محركات السيارات والراديو.
- العينة رقم 4: ضوضاء خلفية تشمل أصوات أنشطة البناء مثل الحفر (بدون صفارة إنذار).
- العينة رقم 5: مستويات عالية من الضوضاء الحضرية بما في ذلك أبواق السيارات وأصوات الشوارع العامة (بدون صفارة إنذار).
- العينة رقم 6: كلام بشري مصحوب بضوضاء سيارة (بدون صفارة إنذار).
وقد تم تقييم كل سيناريو من خلال تشغيل الصوت في بيئة خاضعة للتحكم تم تركيب جهاز (SafeDrive4Deaf) فيها. وقامت الخوارزمية بمعالجة المدخلات وخرجت بنتيجة منطقية تُشير إلى ما إذا تم رصد صفارة إنذار أم لا.
مقاييس التقييم
تم قياس دقة الخوارزمية باستخدام المقاييس الرئيسية التالية:
- معدل النتائج الإيجابية الحقيقية (الحساسية): نسبة أحداث صفارات الإنذار الفعلية التي تم اكتشافها بشكل صحيح بواسطة الخوارزمية. حيث يشير معدل الحساسية المرتفع إلى أن الخوارزمية تكتشف صفارات الإنذار بفعالية في ظروف مختلفة.
- معدل النتائج السلبية الحقيقية (الخصوصية): نسبة الأحداث غير المتعلقة بصفارات الإنذار التي تم اكتشافها بشكل صحيح. حيث تضمن الخصوصية العالية عدم إصدار الخوارزمية إنذارات خاطئة.
- معدل النتائج الإيجابية الكاذبة (FPR): نسبة الأحداث غير المتعلقة بصفارات الإنذار التي تم تصنيفها بشكل خاطئ على أنها صفارات إنذار. ويُعد انخفاض معدل النتائج الإيجابية الكاذبة أمرًا بالغ الأهمية لتجنب تشتيت انتباه السائق.
- معدل النتائج السلبية الكاذبة (FNR): نسبة أحداث صفارات الإنذار الفعلية التي لم تكتشفها الخوارزمية. ويُعد انخفاض معدل النتائج السلبية الكاذبة ضروريًا للحفاظ على سلامة السائقين الصم.
النتائج
كشف اختبار خوارزمية اكتشاف الأصوات في (SafeDrive4Deaf) عن النتائج التالية:
- السيناريو 1: عند وجود صفارة إنذار خافتة مع ضوضاء بيضاء: حققت الخوارزمية معدل حساسية مرتفعًا بلغ 95% ونجحت في اكتشاف صفارة الإنذار في معظم الحالات على الرغم من انخفاض مستوى الصوت وتداخل الضوضاء الخلفية.
- السيناريو 2: عند وجود صفارة الإنذار في بيئة حضرية صاخبة: حافظت الخوارزمية على معدل حساسية بلغ 92% مما يُظهر أداءً قويًا حتى مع تداخل الأصوات المتعددة.
- السيناريو 3: عند خلط صفارة الإنذار مع ضوضاء محرك السيارة والراديو: حققت الخوارزمية معدل حساسية بلغ 88%. ولوحظت بعض التحديات في تمييز نغمات صفارة الإنذار عن الترددات المماثلة في الخلفية.
- السيناريو 4: بالنسبة لضوضاء الخلفية مثل أعمال الحفر دون وجود صفارة إنذار: أظهرت الخوارزمية دقة عالية بلغت 97% مما أدى إلى تحديد عدم وجود صفارة إنذار بشكل صحيح وتجنب النتائج الإيجابية الخاطئة.
- السيناريو 5: في سيناريوهات الضوضاء الحضرية الشديدة وعدم وجود صفارات الإنذار: ظلت الدقة مرتفعة بمعدل
94% مما عزز قدرة الخوارزمية على تصفية الأصوات غير ذات الصلة.
- السيناريو 6: عند التعرض للكلام البشري مع ضوضاء السيارات: حققت الخوارزمية دقة 96% حيث اكتشفت بدقة عدم وجود صفارات الإنذار.
مناقشة نتائج دقة الخوارزمية
تشير النتائج إلى أن خوارزمية (SafeDrive4Deaf) تعمل بدقة عالية في بيئات متنوعة وأنها توازن بفعالية بين الحساسية والخصوصية لضمان الاكتشاف الموثوق لصفارات الإنذار. وفي حين أن الخوارزمية قد قدمت أداءً قويًا في معظم السيناريوهات إلا أنها واجهت تحديات متوسطة في بعض الظروف مثل تمييز صفارات الإنذار عن ترددات مماثلة في ضوضاء الخلفية.
وبهدف تحسين الدقة بشكل أكبر فإنه يمكن للتحديثات المستقبلية أن تشمل ما يلي:
- تقنيات التعلم الآلي المتقدمة: قد يكون من الممكن تحسين القدرة على تمييز الأنماط الصوتية المعقدة من خلال استخدام نماذج أكثر تطورًا مثل الشبكات العصبية العميقة أو أساليب المجموعات.
- التعلم والتكيف المستمران: قد يُحسّن تطبيق نظام يتعلم باستمرار من البيانات الجديدة وملاحظات المستخدمين قدرات اكتشاف الأصوات بمرور الوقت.
- استخدام أجهزة استشعار إضافية: قد يكون من الممكن توفير تقييم أكثر شمولاً للبيئة المحيطة من خلال دمج بيانات الصوت المكتشفة مع مُدخلات من أجهزة استشعار أخرى مثل الكاميرات أو مقاييس التسارع.
وعلى العموم فإن خوارزمية (SafeDrive4Deaf) تُوفر حلاً موثوقًا لاكتشاف صفارات الإنذار في ظروف واقعية. حيث يضمن النظام من خلال تحقيق مستويات عالية من الحساسية والدقة أن يتلقى السائقين الصم تنبيهات دقيقة وفي الوقت المناسب مما يعزز وعيهم وسلامتهم على الطريق. ويمكن لمزيد من التحسينات على الخوارزمية أن ترتكز على هذا الأساس المتين لمعالجة التحديات المتبقية ومواصلة تحسين الأداء.
الشكل 10. العينة رقم 1: صفارة إنذار ناعمة مع بعض الضوضاء البيضاء
الشكل 11. العينة رقم 2: صفارة الإنذار في بيئة حضرية صاخبة
الشكل 12. العينة رقم 3: صفارة إنذار مع ضوضاء خلفية من السيارة والراديو
الشكل 13. العينة رقم 4: أصوات عمليات الحفر (بدون صفارة إنذار)
الشكل 14. العينة رقم 5: الكثير من الضوضاء الحضرية (لا توجد صفارات إنذار)
الشكل 15. العينة رقم 6: كلام مع ضوضاء السيارة (بدون صفارة إنذار)
5.3. نظرة عامة على الجهاز
يُمثل الحد الأدنى من المنتج القابل للتطبيق (MVP) لجهاز (SafeDrive4Deaf) تتويجًا لأبحاث مكثفة وتكرارات لعملية التصميم واختبارات تهدف إلى تقديم حل عملي وموثوق للسائقين الصم. ويقدم هذا القسم نظرة عامة على الحد الأدنى من المنتج القابل للتطبيق مع تسليط الضوء على الميزات والوظائف الرئيسية وعناصر التصميم التي تجعل المنتج جاهزًا للطرح في السوق. وتشمل هذه الميزات:
- الاكتشاف الفوري لصفارات الإنذار: يراقب الجهاز البيئة المحيطة باستمرار باستخدام نموذج الشبكة العصبية التلافيفية (CNN) بحثًا عن صفارات الطوارئ. وتعالج الخوارزمية المدخلات الصوتية من أربع ميكروفونات موزعة بشكل استراتيجي مما يضمن الكشف الدقيق والفوري عن الأصوات.
- تحليل الصوت الاتجاهي: يحدد النظام اتجاه صفارات الإنذار الواردة مما يوفر للسائقين وعيًا مكانيًا بمصدر الصوت وهو أمر بالغ الأهمية لاتخاذ قرارات قيادة مدروسة.
- نظام التنبيه البصري: توفر وحدة عرض عالية الدقة مثبتة على لوحة القيادة تنبيهات بصرية على شكل إشارات لرموز ملونة. حيث يشير اللون الأحمر إلى وجود تهديد وشيك أو صفارة إنذار قريبة بينما يشير اللون الأصفر إلى صفارة إنذار بعيدة مما يسمح للسائقين بتقييم خطورة الموقف بسرعة.
- تنبيهات قابلة للتخصيص: يمكن للسائقين تخصيص إعدادات التنبيه بما في ذلك شدة الرؤية وأنظمة الألوان وحدود اكتشاف الأصوات بما يناسب تفضيلاتهم مما يعزز سهولة الاستخدام في مختلف ظروف القيادة.
- تركيب سهل: صُمم الجهاز ليتم تركيبه بسهولة باستخدام منافذ (USB) القياسية وأنظمة التركيب الاعتيادية في المركبة مما يجعله متوافقًا مع مجموعة واسعة من طرازات المركبات دون الحاجة إلى أدوات أو تعديلات متخصصة.
- مكونات متينة ومقاومة للعوامل الجوية: صُممت الميكروفونات ووحدات المعالجة المصنوعة من مواد عالية الجودة لتحمل مختلف الظروف الجوية بما في ذلك المطر والغبار ودرجات الحرارة القصوى مما يضمن تشغيلًا موثوقًا به في بيئات متنوعة.
الشكل 16. نظرة عامة على جهاز (SafeDrive4Deaf)
الشكل 17. شاشة وميزات الاتصال لجهاز (SafeDrive4Deaf)
الشكل 18. إعداد ات (SafeDrive4Deaf) في السيارة
6. المناقشة
الآثار المترتبة على السلامة المرورية
تكشف نتائج هذه الدراسة عن آثار هامة على سلامة السائقين الصم وضعاف السمع. حيث يُمثل التحدي الشامل المتمثل في اكتشاف مركبات الطوارئ (وفق ما أفاد 100% من المشاركين) فجوة خطيرة في مجال السلامة وهي تتطلب اهتمامًا فوريًا. وتتوافق هذه النتيجة مع أبحاث سابقة تشير إلى أنه يمكن للإعاقات الحسية أن تُسبب نقاط ضعف فريدة في أنظمة النقل.
ويشير تنوع خبرات القيادة بين المشاركين (5-40 عامًا) إلى استمرار هذه التحديات بغض النظر عن خبرتهم في القيادة مما يدل على عدم تلبية البنية التحتية الحالية للطرق وتصميم المركبات لاحتياجات السائقين الصم بشكل كافٍ. وتظهر النسبة العالية من سائقي المدن (76%) في عيّنتنا التحديات الخاصة في بيئات المرور المعقدة حيث يكون هناك إشارات سمعية متعددة في وقت واحد.
الابتكار من خلال التصميم المشترك المجتمعي
تتجلى إحدى الميزات المبتكرة لهذا البحث في نهجه الذي يركز على المجتمع من حيث التصميم المشترك وخاصةً حلقة التغذية الراجعة التكرارية للمشاركين. فقد ساهم المشاركون بفعالية في إثراء عملية تطوير النظام من خلال تحديد متطلباتهم المُحددة وأساليب التفاعل المُفضلة لديهم واعتبارات سهولة الاستخدام العملية. وقد عززت منهجية التصميم المشترك هذه روح المشاركة والمسؤولية لدى المستخدمين مما ساهم في مواءمة تطوير المنتج مباشرةً مع احتياجات المجتمع الحقيقية بدلاً من الاعتماد على الافتراضات النظرية فحسب. ويضمن هذا التصميم التشاركي عدم اقتصار فعالية التكنولوجيا الناتجة مثل نظام (SafeDrive4Deaf) على المستوى النظري فحسب بل جعل المنتج ذا صلة عملية ومقبول على نطاق واسع وقابلةً للاستخدام فعليًا في سيناريوهات العالم الحقيقي.
اعتماد التكنولوجيا واعتبارات التصميم
تؤكد نتائج التوزيع ثنائي النمط لمستويات الراحة عند استخدام التكنولوجيا (52% مرتاحون جدًا مقابل 40% غير مرتاحين) على أهمية مبادئ التصميم الشاملة. حيث يجب على أي حلٍّ للتكنولوجيا المساعدة أن يناسب جميع المستخدمين على اختلاف قدراتهم التكنولوجية. وتشير هذه النتيجة إلى أن اتباع أسلوب “نهج واحد يناسب الجميع” قد يفشل في خدمة شريحة كبيرة من الفئة المستهدفة.
وتشير التعليقات على (SafeDrive4Deaf) إلى وجود دعمٍ قوي من المجتمع للتكنولوجيا المساعدة الموجهة شريطة أن يتم تصميمها باستخدام مدخلات حقيقية من المستخدمين وأن تخضع لعمليات تحسين متكررة. ويعكس التركيز على أنظمة التغذية الراجعة البصرية واللمسية فهم المجتمع العملي لاحتياجاتهم وأساليب التفاعل المفضلة لديهم.
آثار أوسع على إمكانية النفاذ
تتجاوز التحديات التي تناولتها هذه الدراسة مخاوف السلامة الفردية لتشمل مسائل أوسع نطاقًا تتعلق بالمساواة والنفاذ إلى المواصلات. وتشير عوائق التواصل التي تم الإبلاغ عنها مع جهات إنفاذ القانون ومستخدمي الطرق الآخرين إلى وجود مسائل منهجية تتطلب حلولًا منسقة تشمل التكنولوجيا والسياسات والتوعية العامة.
كما يشير انتشار الوصمة الاجتماعية والمفاهيم الخاطئة حول قدرات السائقين الصم إلى الحاجة إلى إطلاق حملات توعية عامة إلى جانب توفير الحلول التكنولوجية. ويجب أن تُعالج مختلف التدخلات الفعالة التحديات العملية والعوائق الاجتماعية التي يواجهها السائقون الصم وضعاف السمع.
قيود الدراسة
ينبغي مراعاة العديد من القيود عند تفسير نتائج هذه الدراسة. فرغم أن حجم العينة البالغ 25 مشاركًا كان كافياً ٍ للبحث الاستكشافي إلا أنه يحد من إمكانية تعميم النتائج الكمية. وقد لا يعكس التركيز الجغرافي في تونس وألمانيا تجارب السائقين الصم في سياقات ثقافية وتنظيمية أخرى.
كما يُقدم التصميم المقطعي لمحة عامة عن التجارب الحالية ولكنه لا يستطيع رصد كيفية تطور الاحتياجات والتحديات مع تغير التكنولوجيا والبنية التحتية للطرق. وهنا يأتي دور الدراسات الطولية التي توفر رؤى قيمة حول فعالية التكنولوجيا المساعدة على المدى الطويل.
7. الاستنتاجات والتوصيات
تقدم نتائج هذه الدراسة العديد من الرؤى والأفكار الرئيسية الحاسمة لتعزيز السلامة المرورية للسائقين الصم وضعاف السمع. وقد شكلت مسألة اكتشاف مركبات الطوارئ تحدياً عالمياً هاماً مما يُبرز الحاجة المُلحة للتدخل التكنولوجي. ويوجد اهتمام واضح من قبل مجتمع السائقين الصم باستخدام التكنولوجيا المُساعدة ولكن هذه الحلول يجب أن تُراعي مجموعةً واسعةً من مستويات الراحة التكنولوجية. ويجب أن يُعطي التصميم الفعال الأولوية لآليات التغذية الراجعة البصرية واللمسية وواجهات المستخدم المرنة وسهلة الاستخدام والتكامل السلس مع أنظمة المركبات الحالية. كما أن اتباع نهج يركّز على المجتمع – قائم على المشاركة المُستمرة والتطوير المُتكرر – يُعدّ أمرًا أساسيًا لضمان تلبية هذه الحلول لاحتياجات المستخدمين وسهولة استخدامها من قبلهم. وتتجاوز عملية مُعالجة التحديات التي يواجهها السائقون الصم مجال الابتكار التكنولوجي فهي تتطلب جهودًا مُنسّقة في مجالات مُتعددة بما في ذلك وضع سياسات شاملة وإجراء تثقيف عام لمكافحة الوصمة الاجتماعية وتعزيز بيئة قيادة أكثر أمانًا ومساواة.